يحكى أن أسدا جسورا كان يحكم مملكة للحيوانات كانت تسمى بالمملكة السعيدة وبعد زمان من السعادة والرفاهية والأمن ، تقدم الأسد في العمر وكان له مستشارون من القرود استولوا على الحكم وبعد أن ظل المستشارون القرود على مدى أعوام يسرحون ويمرحون في حكم الغابة مستغلين كبر سن الأسد الذي أصبح عجوزا وخرفا فكانوا يصدرون الأوامر باسم الأسد ويفسدون في الغابة حتى بلغ فسادهم إلى غابات ومحميات أخرى مسالمة مجاورة لهم وأصبح لديهم ثراء فاحش . ومع إزياد الظلم والقهر في الغابة وتغييب صوت العقل والاستئثار بالماء والغذاء وأفضل الخدمات للقرود فقط وحرمان بقية الحيوانات من أبسط مقومات الحياة - ولن لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومعاكس له في الإتجاه - تولدت حركة من العنف ضد حكم الأسد العجوز بغرض إسقاط القرود ولم يفكر الحيوانات مليا أن لهذه الثورة ستكون نتائج عكسية وأن القرود سوف يركبون الموجة مجددا ويعودون إلى السلطة ولكن بثوب آخر وبشكل أعنف من ذي قبل وبمساعدة من بني جنسهم واستدعوا لذلك القرود في غابات الدول والجبال المجاورة وتداعوا جميعا إلى الحرب كما تداعى القصعة إلى أكلتها! لقد ظل القرود يحكون طويلا بدعم من بني جلدتهم الذين شكلوا لأنفسهم مركزا للقوى وثقلا في مختلف الادغال والبراري حول العالم ، وبلغت هيمنتهم أن سيطروا على أهم الإنهار والطرق والهضاب والتلال والجبال وتحكموا بأهم مفاصل وشرايين الحياة وفرضوا اتاوات على الحيوانات وكونوا جيوشا من المرتزقة والقتلة من الضباع والتماسيح بهدف تصفية من يخالفهم وحرصوا على أن الأقليلة لابد أن تحكم الأغلبية وبثوا سموم العنصرية والقبلية والمذهبية بين الحيوانات على مبدا فرق تسد، وقضوا على العلم وبنوا معابد الوثنية ونصبوا أنفسهم آلهة وشجعوا نشر الجهل والخرافات وحاربوا أصوات العقل ودعموا الحروب والتسليح، كي تتناحر الحيوانات فيما بينها البين ويصفى لهم المجال بالتحكم في طرق التجارة العالمية. لقد وقعت المملكة السعيدة في فخ القرود وعاشوا يعانون الفقر والجوع والألم والبؤس والشقاء لم يشفع لهم أنهم إنتخبوا القرود يوما وأوصلوهم إلى سدة الحكم! لم يشفع لهم وحدة اللغة والأرض وحسن الجوار! لم يشفع لهم المذهب ولا اللهجة ولا النسب! لم يشفع لهم فقرهم وقلة حيلتهم وهوانهم على بقية العالم! يتبع ...