عندما نستعرض في كتاباتنا بعض الحقائق وأعمال المكر والخداع التي عانى منها شعبنا الجنوبي طيلة تاريخه وعلاقته بالشمال اليمني؛ فإنا لا نقول غير الحقيقة، ولا نقصد بذلك الناس البسطاء من شعب الشمال فهم مغلوبون، ولكن نقصد بذلك الحكام والعسكر ومن يضمر العداوة والبغضاء للجنوب، وسنظل نذكر الأجيال وكذلك بعض العقول التي لا تزال تراهن عليهم أو تظن بهم خيرا، رغم كل المكائد والأهوال التي يشهدها الوطن الجنوبي وأهله حتى عام 2015م، فمثلا عندما نذكر الأجيال بأن آبائهم الأوائل قد ذهبوا بالآلاف لمناصرتهم والدفاع عن ثورتهم المزعومة في ستينيات القرن الماضي. وقد استشهد العديد منهم، ومات المئات بسبب مرض الجدري الذي قابلهم هناك، وإن دماء هؤلاء الشهداء والجرحى قد ذهبت هدرا ولم يشار إليها أو تحسب لهم حتى بكلمة شكر أو إشادة، وهذا أول عمل يتنكر له الطرف الشمالي للجنوبيين، فإن ذلك التذكير حق من حقوق الأبناء علينا. وعلينا أن نخبرهم به، أما الخديعة الكبرى فهي عندما شد الرحال أبناء الجنوب عام 90م، وقدموا لهم دولة وأرض أضعاف ما يملكون، وما كانوا يحلمون به من أن أجل أن تقام وحدة على أساس العدل والمساواة فإنهم اداروا ظهورهم لتلك المكرمة واهدوا الجنوبيين بدلا عنها القتل والدمار، وجاءت حرب 94م؛ لتنهي كل شيء كان قد صنعه ويعتز به الجنوبي. وأصبحت كلمة انفصالي جاهزة لمن يفكر بشيء من تلك الحقوق المهدورة، لولا أن الأنفة والشموخ الجنوبي ظل حيا في نفوس أبنائه عندما تداعى أبناء الجنوب وخرجوا بالملايين عام 2007م، رافضين الهيمنة والغطرسة الشمالية، مفضلين الموت على حياة الذل والإهانة، وتحدوا وقدموا العديد من الشهداء حتى توجوا انتصارهم الكبير في 2015م، هذه المعجزة التي وضعت حدا أبديا للمد والسيطرة الشمالية.. وهاهي اليوم دولة الجنوب على وشك الإعلان.! أما المحذور الأخير فهو يقع بعدم إشراك الشماليين والارتماء في أحضانهم ثانية -حتى الذين كانوا يعملون معنا واعطيناهم أعلى المناصب ظلوا صامتين متفرجين لما يتعرض له الجنوب- فالشمالي شمالي مهما حاولنا إشراكه معنا؛ ولأن التآمر لا زال قائما فإنا ننصح الجنوبيين بالتماسك والمؤازرة، ففي ذلك التماسك الإنتصار والمجد وفي الانشقاقات تتوالى الهزائم والنكسات، فقد كان انتصارهم في 94م؛ بسبب التفرقة والتشظي، وانتصارنا عليهم في 2015م، كان بسبب التماسك الجنوبي. أخيرا أنصح كل الجنوبيين كان شرعيا أم انتقاليا، وأقول لهم اتركوا التكابر، وابحثوا عن مسائل جديدة تساعدكم في التآخي والتقارب، وليعلم الجميع أن الكل شركاء في هذا الوطن ولن يستطيع أحد أن يلغي الآخر مهما حاول ذلك.