استمعت إلى التسجيل الأخير للدكتور مروان الغفوري ووجدته يتحدث عن انتهاء جمهورية هادي قائلا إنها تحولت إلى جمهوريات عديدة وتحدث عن انتهاء الشعب اليمني ليس بمعنى زواله بل قال إن الشعب الموحد أصبح شعوبا متعددة ذات مشاريع مختلفة. ورغم أن هناك من ينقل عن تسجيل الغفوري مالم يقوله إلا أني أجد نفسي متفقا مع ما طرحه من مقترحات لوقف الحرب العبثية. النقطة التي اختلف مع الدكتور الغفوري فيها هي اعتقاده أن الحوثي سيلغي الجمهورية شكلا ومضمونا ويستبدلها بالملكية. وأنا شخصيا اعتقد أن الحوثي أكثر قربا إلى نموذج الجمهورية الإسلامية الإيرانية من قربه لأي نظام ملكي. وأود تذكير القاريء بأن إيران اسمها جمهورية وليست ملكية بل قام النظام الجمهوري الإيراني على أنقاض مملكة شاهنشاهية ونظام وراثي ضارب في الجذور. ما يدعو إليه الدكتور الغفوري حسب فهمي هو عدم الاستمرار في الركون على شرعية فاشلة وأحزاب واهية مفضلا عليهم القبول بالحوثي ولو مؤقتا رغم تحذيره من أن نجاح الحوثي هو القضاء على الجمهورية المدنية في شكلها الذي نريده نحن. دعوته هذه أو اقتراحه يأتي في إطار المحاولة لوقف الحرب التي نتفق جميعنا بأنها أصبحت عبثية ولن توصلنا إلا إلى المزيد من الدمار والهلاك والقتل بلا نتائج. الدكتور مروان الغفوري لم يكن الوحيد الذي توصل إلى هذه القناعة بل كثيرون من يمنيين وغير يمنيين بل هناك من قيادات الشرعية نفسها من توصل إلى ذات النتيجة وآخرهم أحمد عبيد بن دغر رئيس الوزراء السابق الذي قال بأن الشرعية تمضي بلا رؤية. واعتقد أن السبب في كل هذا هو اختيارنا للعنوان الخطأ والشعار الخطأ الذي تمترسنا خلفه. لقد رفعنا شعار الشرعية و حصرناها في شخص الرئيس هادي، وادعينا أنه منتخب فلم يتفاعل معنا المواطنون العاديون الذين يتمتعون بإحساس وذكاء أكثر مما تتمتع به النخب المسيسة المبرمجة على الكذب والخداع. لو أننا منذ البداية اخترنا " الجمهورية" عنوانا وليس الشرعية لاستطعنا حشد الناس ولكان الأمر مختلفا لأننا بذلك سنكون قادرين على استبدال قائدنا النائم بقائد آخر صاحي دون أن نتخلى عن مشروعنا. أما رفع شعار الشرعية المزيف فلم يستفد منه سوى مجموعة صغيرة من الانتهازيين والمراهقين الذين تمكنوا من عزل الرئيس الشرعي عن كل ما يجري من حوله وسيطروا على كل قراراته. المشكلة لدينا ليست في غياب الرؤية أو المشروع كما يدعي أحمد بن دغر ولكن هي غياب القيادة المؤهلة لتمثيل مشروعنا وجمهوريتنا الاتحادية التي اتفقنا على شكلها في وثيقة الحوار الوطني. إصرارنا على ا لتمسك بشخص الرئيس هادي هو إصرار على التمسك بالفشل والعجز والكسل. كما أن النموذج الذي قدمناه للناس في المناطق التي ندعي أنها محررة هو نموذج العجز والفشل والكسل. نموذج غير مقبول لدى العامة وغير مقبول حتى لدينا نحن باعترافنا ومع ذلك نصر على التمسك به بعناد أهوج. هذا التمسك بشرعية ثبت فشلها أدى مع مرور الوقت إلى تمكين الحوثي في المناطق التي يهيمن عليها فقدم الحوثيون للمواطنين الخاضعين لسيطرتهم نموذجا لا نقول إنه الأمثل ولكنه أفضل وأكثر حزما من نموذج هادي الفوضوي. كما قدم لهم الحصار والحرب مبررات لأخطائهم وامتناعهم عن تسليم رواتب الموظفين محملين الشرعية وزر الكثير من الأخطاء خصوصا بعد أن تم نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن. الخلاصة أن الحوثي أصبح مع مرور الوقت أمرا واقعا ويصعب استئصال جماعته القوية ولم يعد أمامنا سوى الجنوح للسلم والتفاوض مع الحوثي لتحقيق شراكة سيكون له اليد الطولى فيها ولكن لن تكون الفاصلة بل نستطيع أن نناضل من أجل اقامة دولة مدنية لا تقصي أحدا تخضع فيها المناصب والمسؤوليات للتنافس الشريف عن طريق الآلية التي نصت عليها مخرجات الحوار الوطني وهي آلية فريدة من نوعها تخضع فيها قرارات التعيين للفحص والمنافسة كما تخضع لمصادقة المشرعين عليها ولا تصدر حسب مزاج فرد أو شلة او جماعة. واعتقد أن عدم قبولنا بالحوثي سيجعله ينفرد رغما عنا في قرار تحديد مصيرنا ومصير بلادنا وسيضطر العالم في نهاية المطاف للتعامل معه وليس معنا. ولكن لا يزال حتى الآن من صالحه وصالحنا أن يقبل بنا ونقبل به وأن نتوصل إلى تسوية ترضي غالبية الشعب اليمني وتحافظ على الجمهورية الاتحادية شكلا ومضمونا. أما رموز الشرعية فقد اتضح للجميع أنهم أنفسهم لا يريدون العودة وأصبح كل طموحهم هو الحصول أحكام بالإعدام تساعدهم على اللجوء السياسي في أي بلد يتيح لهم الاستمتاع بأموال نهبوها مع أولادهم وذويهم من قوت الجياع ومرتبات الفقراء. وللحديث بقية منير الماوري