ترسو سفينة صافر العائمة البالغ طولها 360 متراً وعرضها 70 متراً، قبالة ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، وتبعد عن المرفأ النفطي غرب اليمن، نحو 4.8 ميل بحري، وتحتوي على مليون و140 ألف برميل من النفط الخام. ولم يجرَ للسفينة أي صيانة منذ انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة في 21 سبتمبر 2014، حيث عطلت المليشيات العملية الروتينية والدورية التي أعتاد موظفو ومهندسو السفينة إجراءها بشكل دوري واستثنائي إذا دعت الحاجة لذلك. وتعود ملكية السفينة للدولة اليمنية، وقبل سيطرة الحوثيين كانت تستقبل إنتاج خمس شركات نفطية، وعبرها يتم تصدير النفط الخام من أنبوب قريب قادم من حقول محافظة مأرب شرق صنعاء. وأوقفت الحرب تصدير النفط بشكل كامل، وبداية عام 2018 توقفت كل العمليات في سفينة صافر، وبعد ظهور مؤشرات على تحلل هيكل السفينة واحتمالية تسرب النفط، سعت الأممالمتحدة للتدخل والقيام بعملية تقييم وصيانة، لكن مساعيها باءت بالفشل. مع بداية العام 2019، أطلقت الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف الداعم لها، دعوات متكررة للتدخل، كما أطلق الحوثيون المدعومون من طهران، دعوات مماثلة لإنقاذ اليمن من الكارثة. جاءت تلك الدعوات بعد تحذيرات عالمية وتقارير إعلامية تنذر بخطر أكثر من التسرب النفطي، حيث باتت السفينة مهددة بالانفجار في أي لحظة بسبب الغازات المتصاعدة من النفط الخام الخامل والموزع في 36 خزان غير ممتلئة، تتسع لأكثر من ثلاثة مليون برميل نفط، وهو ما قد يعجل بالكارثة التي قد تبدأ بانفجار ضخم قد يدمر المرفأ والسفن في الموقع المحيط. بحلول منتصف العام الجاري، تكشفت بعض خفايا تلك الدعوات، وتحولت في أوقات كثيرة، إلى مزايدات ومتاجرة إعلامية ومحاولات لتحقيق انتصارات شكلية على حساب ملايين الكائنات الحية وآلاف العائلات التي تعيش على اصطيادها في المنطقة من قبل جماعة الحوثي. فالحوثيون المتحكمون بالسفينة والموانئ الثلاثة بالحديدة، يلعبون لعبة العصا والجزرة مع الأممالمتحدة، كلما زادت الضغوط عليهم، يبرمون اتفاقاً لتجاوزها، وعندما يحين موعد التنفيذ يختلقون أعذاراً جديدة، ويعرقلون وصول خبراء التقييم والصيانة إلى السفينة، وهي اللعبة التي أكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك، أن المنظومة الدولية قد ملّتها، واضطرت إلى ارسال فريق التقييم والمهندسين إلى منازلهم بعد أشهر من الوصول والإقامة في جيبوتي بصحبة معداتهم. قال لوكوك في إحاطته لمجلس الأمن الدولي في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، إن الحوثيين واصلوا عرقلة وصول فريق التقييم التابع للأمم المتحدة، إلى سفينة صافر العائمة قبالة الحديدة، مؤكداً أنه لم يعد واضحاً أي إمكانية للتقدم في هذا الاتجاه، مما اضطرهم إلى إرسال التقنيين التابعين للأمم المتحدة إلى منازلهم من جيبوتي. وأوضح المسؤول الأممي أن الجماعة لم تلتزم بالاتفاق الذي أبرمته بخصوص السفينة. وكان وكيل الأمين العام، قد تلقى منتصف يونيو/حزيران موافقة خطية أولية من سلطات الحوثيين (غير معترف بها) للشروع في مهمة تقنية لتقييم ناقلة النفط المتحللة قبالة الحديدة. أواخر يوليو/تموز دقت الحكومة ناقوس الخطر المتصاعد لسفينة صافر العائمة، بمقطع فيديو نشره حساب رئاسة الوزراء على تويتر، وتوالت بعد ذلك التاريخ الدعوات والتحذيرات من مسؤولي الشرعية والتحالف الذي تقوده السعودية. ولم تخلُ تلك الدعوات من تحميل الحوثيين مسؤولية الكارثة المحتملة، والتنصل من أي مسؤولية مترتبة على ذلك. كان يفترض أن تبدأ عملية التقييم الأممية في 27 أغسطس/آب الماضي، وفق اتفاق الأممالمتحدة والحوثيين المشار إليه أعلاه. ظلت تلك التحذيرات التي أطلقتها اطراف الصراع، كما هي، ولم تعكس بشكل عملي على أرض الواقع، وكأنها مجرد كلام يردد وليس بالضرورة أن تصغي أذان ناطقه لمضمونه.