فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يعقد اجتماعا استثنائيا مع تنفيذية انتقالي لحج    مجلس إدارة هيئة الاستثمار يقر اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار 2025م    انعقاد اللقاء الوطني الثاني للتعاون في مجال الأمن البحري    المبعوث الاممي: الوضع في اليمن معقد وخارطة الطريق لم تعد قابلة للتطبيق كما كانت سابقاً    معتصمو سيئون يطالبون باحترام إرادة شعب الجنوب العربي    المحرّمي يبحث تسريع وتيرة الإصلاحات الحكومية وبرامج خدمة المواطنين    محافظ حضرموت: الفوضى في المحافظات المحتلة نتيجة صراع نفوذ خارجي    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة المجاهد محمد محسن العياني    في ذكرى ميلاد الزهراء.. "النفط والمعادن" تحيي اليوم العالمي للمرأة المسلمة وتكرم الموظفات    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    الأرصاد: صقيع على أجزاء من المرتفعات والحرارة الصغرى تلامس الصفر المئوي    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب الدوري الأمريكي    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شركة وثلاث منشآت صرافة    صعدة: إصابة مواطن بنيران العدو السعودي بمديرية قطابر الحدودية    الصين تعزز احتياطياتها الأجنبية ب 3 مليارات دولار    من لم يشرب نخب انتصاره سيتجرع كأس الهزيمة.    ركود حاد وهلع.. عام قاس يهز عرش العملات المشفرة    أقدم توراة يمنية مؤكدة بالكربون المشع تُعرض للبيع في مزاد ب"نيويورك"    بمشاركة الكثيري: مكتب تنفيذي الوادي يؤكد مباشرة العمل تحت راية علم الجنوب    عاجل: وزير ومستشار لرشاد العليمي يدعو لتشكيل حكومة يمنية مصغرة في مأرب    فعالية باليوم العالمي للطيران المدني بصنعاء    براك: التطبيع مع سوريا بات قريباً    ضباط حضارم يحمون الشركات النفطية ومرافقها    فريق وزارة الداخلية يتوج ببطولة الوزارات والمؤسسات للكرة الطائرة والمالية وصيفاً    سقوط أرسنال وفوز السيتي وتعادل تشلسي وليفربول بالبريميرليغ    السودان.. مقتل 50 شخصا في هجوم بطائرة مسيرة على روضة أطفال    مصرع 23 شخصًا بحريق في ملهى ليلي جنوبي غرب الهند    نواميس النمل    عاجل: القوات الجنوبية تحكم قبضتها على سيحوت وقشن وتدفع بتعزيزات كبيرة نحو حصوين في المهرة    مانديلا يصرخ باليمنيين من قبره: هذا هو الطريق أيها التائهون!    حاشد المقاوم الجسور والصلب الذي لا يتزحزح    الفريق السامعي يوجه دعوة لعقلاء اليمن في الشمال والجنوب    أثناء خروجهن من المدرسة.. وفاة فتاتين وإصابة ثالثة عقب سقوط مواد بناء في إب    بعد طرد باريرا بسبب دعمها فلسطين: قاطعوا Scream 7    عدن.. مصلحة خفر السواحل توضح حول الحادث الذي تعرضت له سفينة تجارية قرب باب المندب    أزمة غاز تخنق عدن ولحج.. محطات تغلق أبوابها وطوابير السيارات تمتد بلا نهاية    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفير الصين دعم مسار التنمية    الأردن يتخطى الكويت ويضمن التأهل للدور الثاني من كأس العرب    اتحاد كرة القدم يؤجل انطلاق دوري الدرجة الثانية إلى 18 ديسمبر    خطوة في الفراغ    الأرصاد يحذر من الصقيع في المرتفعات وينبّه من اضطراب البحر في باب المندب    أقدم توراة يمنية معروضة للبيع في نيويورك    تدخين الشيشة يضاعف خطر سرطان الرئة بمقدار 2-5 مرات!    السعودية تهزم جزر القمر بثلاثية وتتأهل لربع نهائي كأس العرب    قرعة كأس العالم 2026: الافتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا،    لأول مرة في التاريخ: احتياطي الذهب الروسي يتجاوز 300 مليار دولار    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة المناضل الأكتوبري العميد عبدالله علي الغزالي    الاتحاد العربي لكرة القدم يختار الجمهور الأفضل في الجولة الأولى لكأس العرب 2025    الهجرة الدولية تسجل نزوح 50 أسرة يمنية خلال الأسبوع الفائت    حضرموت وشبوة.. قلب الجنوب القديم الذي هزم ممالك اليمن عبر العصور    هيئة الآثار تنشر أبحاثاً جديدة حول نقوش المسند وتاريخ اليمن القديم    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    رسائل إلى المجتمع    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أتقوا الله وأرجعوا إلى إيمانكم وضمائركم وإنسانيتكم فكورونا عدو الجميع
نشر في عدن الغد يوم 26 - 03 - 2020


بقلم / أحمد حسن العقربي
مأ ألطف كلمة الإنسانية في هذه الدنيا الفانية، وما أشرحها بصدور سامعيها، بل إنني أقطع القول جازمًا: إن موضوع الإنسانية هو أهم درس ينبغي أن يتعلمه محتكري قوت الشعب والتجار الجشعين، الذين بدأوا يطلون برؤوسهم مع هيجان حمى الهلع والخوف، الذي ينتاب الناس هذه الأيام، خوفًا من وباء كورونا الذي بات يهدد البشرية بأكملها.

لكن الشيء المفزع حقًا هو ليس الموت؛ وإنَّما هو جشع التجار الذين يمتصون دماء المواطنين بارتفاع أسعارهم الخيالية للمواد الوقائية، كالجلوبسات أو الكمامات الوقائية أو المبيدات والمطهرات الصحية أو في الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية التي تزداد ارتفاعًا دون سقف محدد مع ارتفاع درجة الهلع والخوف من الإصابة بوباء كورونا، والتي يضطر المواطن شراؤها بأي ثمن ولو دخل في دائرة الدين الطويل الآجل والهكبة؛ لأن المسألة أصبحت بالنسبة له حياة أو موت، أو إذا تطور الأمر سيظل المواطنون محجورون في منازلهم أو الامتثال لعدم التجوال بقرار حكومي، بل المستغرب والمُحزن في آن واحد أن يتصاعد لهب نيران الأسعار والدولة غائبة غيابًا كليًا عن الرقابة، وكأن الأمر لا يهمها – لا من قريب أو بعيد – وأصبح حقًا أن الشيء المفزع والمخيف ليس هو الموت، وإنما هي الحياة التي أربكتها وزادت من معاناتها نزوات التجار محتكري قوت الشعب، في مثل هذه الظروف الإنسانية الاستثنائية العالمية التي باتت تهدد البشرية بأكملها.
إن مثل هذه الحياة التي ترعى في صحراؤها الإنسانية ديدان جشع التجار وفيروسات أطماعهم وغرائزهم المادية جعلت الحياة خالية من الإنسانية، لا يتحكم فيها وازع ديني ولا أخلاقي ولا ضمير وطني.

بل ما تسيَّد هذا المشهد التراجيدي الإنساني موقف المواطن الكهل الذي لفت نظري ضمن طابور المتسوقين الطويل أمام مبنى أحد المجمعات الاستهلاكية في كريتر حائرًا أشبه ما يكون بشخص قد فقد هويته في صحراء لا بداية لها ولا نهاية، قد أغلقت في وجهه المسالك وسدت بين مآربه مسارات النجاة.
فقلت له ماذا بك؟ إن وجهك يكاد يكون صفحة قاتمة يقرأ فيها من يشاهدك آلام أبناء عدن جميعًا، ومصائب الدهر كاملة وغير منقوصة، ما شأنك أخبرني؟ قال لي: وما لي لا أكون كذلك، فقد فقدتُ كل أمل في الحياة المرعبة والمهيبة، لا دولة تهتم بنا ولا تدافع عنا من المتاجرين بقوت الشعب وتجار الموت، ومضى يقول:
لقد فقدت كل رجاء وأصبحت لا أخاف الموت، فالحياة والموت أصبحا عندي سيَّان يهددان جسم واحد، إنَّها حياتي وكأن القدر قد أعلن في وجهي حربه الشعواء لا محالة.. هكذا رجعت من المجمّع خال الوفاض وعدتُ إلى عقر منزلي بعد أن أعيتني الحيلة لاستدرار عطف التجار ليخفضوا لي ما أردت شراؤه لمواجهة وباء كورونا، لكن دون جدوى فاقتنعت أنه قد تآمر علي جشع التجار وتهديد وباء كورونا وفشلت في إقناع أمراء الجشع بحالتي وصفر يدي من كل شيء لأنني بدون راتب لا أملك سوى قليل من المال استدنته من الجيران كوني أحد منتسبي الجيش الجنوبي الذين لم يتسلموا رواتبهم حتى اليوم، ولا حول لهم ولا قوة!!
هذا المشهد أعاد بي إلى الذاكرة للقول المأثور للأديب الروسي تولستوي الذي يقول فيه : "إنّ الشيء المفزع حقًا ليس هو الموت؛ وإنما هي الحياة التي لا تصحبها آمال.. فتلك في عرف الناس حياة، بينما هي في الحقيقة والواقع أشر من الموت!!".
مثل هذا المشهد الدرامي الإنساني أثار حفيظتي وأوصلني إلى قناعةٍ أن هذا التاجر الجشع هو إنسان ناقص عقليًا ووجدانيًا وعاطفيًا، يعيش في أغوار نفسه السحيقة يعربد في غاباتها البدائية الموحشة باطنه أشبه بصحراء جرداء فيها أعاصير قاتلة ووحشية ومخاوف وعطش وجوع قاتل للمادة وطمع الدينا ونقص في الأيمان بل وكأنه شمس محرقة وليل بارد مرعب ومخيف، وحينها آمنت أشد الإيمان والاقتناع أن حياة هؤلاء الجشعين حياة تائهة وضياع قاتل صحراء قاحلة لا تنمو فيها الرحمة أو العطف وتخيم في سمائهم سحب الجشع والاستغلال والانانية وظلم الإنسان والجماد الذي لا ينمو وتدب فيه كل عوامل النقص والفناء، نعم ليس المادة هي كل رصيدنا في الحياة، وليست المادة وحدها هي عامل السعادة الوحيدة في الحياة، وليست هذه السنوات التي نعيشها على هذه الأرض إلا وعاء.. نعم وعاء نملأه نحن بالخير والمحبة والتعاون ونكران الذات والنأي عن الجشع وأكل الحرام بل بالتفاهم والرضا النفسي الغامر، فعمرنا الزمني هو وعاء الحياة ولكنه ليس الحياة نفسها، وليست المادة التي تصنع منها الحياة، هذا العمر الزمني يتحول إلى شقاوة وإلى ضياع، إن لم تملأه خيرًا وجمالاً وسلامًا وقناعة نفس ومحبة، نعم لقد خلقنا لأبعاد أوسع من الحدود الجسدية، خلقت فينا الغرائز لنحافظ على بقائنا وليس لنعبث بها ويشترك الحيوان معنا في هذه الغرائز، وأحيانًا نفقد إنسانيتنا عندما ننساق لطبائعنا البدائية، كما ينساق الحيوان، دون القدرة على التعديل والتبديل، والإنسان يمتاز عن غيره من المخلوقات بالوعي وبمقدار ما يفيد من تجاربه وما يستخلصه في النهاية من نتائج لصالح البشرية والمظلومين والبائسين ودون ذلك يصبح الإنسان حيوانًا، والسمك الكبير يأكل السمك الصغير والوحش الكاسر يفترس الضعيف الصاغر والنبات القوي يقتل الضئيل والنحيل في مملكتي الحيوان والنبات وكذلك الحيوان الناطق إنه الإنسان الجشع الذي يسري عليه قول الشاعر العربي:

قتل امرئ في غابة
جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن
مسالة فيها نظره

نعم آن الأوان في هذا الظرف الإنساني الخطير أن يكف تجار قوت الشعب عن غرائزهم الوحشية المادية والكف عن الرزق الحرام الذي يستنكره ديننا الإسلامي الحنيف وكل الرسالات السماوية وضرورات الحياة وحقوق الإنسان، وعلى الحكومة أن تستفيق من غفوتها بدلاً عن اللهث وراء المناصب التي تطمح إلى تحقيقها ولو عن طريق التسلق بالحبال القصيرة، فالشعب أمانة ف عنقها والله المستعان !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.