"جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    هبوط المعدن الأصفر بعد موجة جني الأرباح    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    إيفرتون يصعق ليفربول ويوجه ضربة قاتلة لسعيه للفوز بالبريميرليغ    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    الإطاحة بشاب أطلق النار على مسؤول أمني في تعز وقاوم السلطات    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الثالثة خلال ساعات.. عملية عسكرية للحوثيين في البحر الأحمر وتدمير طائرة    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    الوجع كبير.. وزير يمني يكشف سبب تجاهل مليشيا الحوثي وفاة الشيخ الزنداني رغم تعزيتها في رحيل شخصيات أخرى    حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الزنداني يلتقي بمؤسس تنظيم الاخوان حسن البنا في القاهرة وعمره 7 سنوات    حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البذور المحسنة ما هي مصادرها؟
نشر في الجمهورية يوم 27 - 12 - 2010

تمثل البذور الخطوة الأولى في إنتاج الغذاء حيث تعتمد على المنتجات الزراعية غالبية الصناعات الغذائية وغير الغذائية؛ ولذلك فالبذور تمثل حجر الزاوية في بنيان النظام الغذائي للعالم، وقد كُشف النقاب بصورة واضحة عن المخاطر التي تحملها البذور المحسنة، وذلك في كتاب صدر حديثاً بعنوان “ما هي مخاطر ما يسمى بالبذور المحسنة؟..دور الشركات الشيطانية العالمية في التحكم في الغذاء العالمي”، وصدر في طرابلس الغرب، في 134 صفحة من القطع المتوسط، واشتمل الكتاب على آراء 49 مسؤولاً وخبيراً وباحثاً أكاديمياً متخصصاً في الزراعة من مختلف أنحاء العالم شاركوا في ندوة خاصة نظمتها إذاعة صوت أفريقيا من الجماهيرية العظمى، ومن بين هؤلاء الخبراء المتخصصون في الزراعة في المنظمات الوطنية والعربية والعالمية، وتمثل مشاركاتهم التي تم تحريرها في هذا الكتاب الذي أصدره المركز العام للإذاعات الموجهة، تذكرة سفر إلى حقيقة البذور المحسنة وما وراءها من الأهوال والمخططات التي تستهدف البشرية جمعاء.
حظر البذور المستوردة
إن البذور المحسنة المستورد قد أثارت حفيظة الباحثين والخبراء من مختلف قارات العالم، وهو ما دفع الجماهيرية الليبية إلى تقديم مشروع قرار للقمة الأفريقية بشأن حظر البذور المستوردة في القارة الأفريقية، وهو المشروع بحسب الدكتور علي عبدالسلام التريكي الذي أقره الاتحاد الأفريقي بالإجماع، ويتضمن فقرات تتعلق بالأهمية الحيوية للبذور كأحد المدخلات الرئيسة في عملية الإنتاج الزراعي، وزيادة الكمية، والتحسن النوعي لذلك الإنتاج، تحقيقاً للأمن الغذائي في أفريقيا. . ويشير التريكي إلى أن صناعة البذور بمفهومها المتكامل الحلقات لا تزال تعد إحدى الصناعات التي تكاد تستأثر بها الدول المتقدمة، وتفتقر إليها الدول النامية بالرغم من أهميتها في توفير الغذاء والاستثمار الأمثل لمواردها الطبيعية والبشرية، ولكن التطورات الأخيرة لصناعة البذور، واحتكارها من خلال حماية مختلف الحقوق القانونية والفنية تحول دون الاستفادة من هذه الصناعة.
إرهاب دولي
وتعد مخاطر البذور المعدلة واحتكار الحبوب بمثابة إرهاب دولي بكل ما تعنيه الكلمة، وفقاً للدكتور محمود جبريل المستشار الدولي في الدراسات الإستراتيجية، لأن هذا الاحتكار يطال الأرض والنبات والهواء والإنسان والحيوان، أي المحيط بكل أبعاده.. ويكشف جبريل عن وجود مساحات محددة وصغيرة تخصص للتجارب في الدول المحتكرة لصناعة البذور، في حين تخصص ملايين الهكتارات في كل من الصين والهند والأرجنتين وباكستان والبرازيل وغيرها لهذه التجارب، وتستخدم ثلاثة أقمار صناعية لمراقبتها، وهو ما يمثل مفارقات مفزعة بكل المقاييس تشير بوضوح إلى التوجه نحو تدمير القاعدة الغذائية في دول العالم النامي، ويشيد بموقف زامبيا التي رفضت رغم كل الضغوط أن يتم اختراقها عن طريق البذور المحسنة.
قمح من الخنزير
أما خطورة البذور المعدلة جينياً، فتكمن في الجين الذي يدخل في البذرة والذي لا يمكن معرفة كونه إنسانياً أم حيوانياً، فقد يكون خنزيراً، أو جين نبات، وبالتالي قد يأكل الإنسان هذه البذور التي نبتت في شكل قمح أو شعير أو جزء من لحم إنسان أو حيوان، فتصور الدمار البيئي الذي يمكن أن تحدثه بذرة معدلة جينياً خلال عشر سنوات في محيط يصعب السيطرة عليه داخل البلد الواحد؛ لأنه يحدث اختلالاً بيئياً في التوازن البيئي؛ لأن البذرة مصنعة وغير طبيعية.
حرب البذور
ويكشف كبير خبراء منظمة الفاو الدكتور زيدان سيد عبدالعال النقاب عن مسلسل البذور المحسنة فيشير إلى أن شركات المبيدات والأسمدة التابعة للدول المتقدمة اشترت شركات البذور التي بلغ عددها 600 شركة تحتكر البذور والمزروع منها ما يقارب المئتي مليون فدان على مستوى العالم، وهي البذور التي تقاوم الآفات والأمراض، وتعطي إنتاجية كبيرة جداً، ولكن تكلفتها المالية عالية، بالإضافة إلى أن الشركات المحتكرة قد وضعت لها فترة صلاحية محددة، وبالتالي فالحرب القادمة ستكون حرب البذور، فمن يملكها يستطيع أن يوجه سياسة العالم.
تجربة ناجحة
وبعيداً عن الدعاية التي تمولها تلك الشركات الاحتكارية فقد أثبتت التجارب إمكانية الاستغناء عنها بتدريب الكوادر على علوم العصر، حيث استطاع أحد علماء السودان إنتاج نوع من الذرة الرفيعة ذات الإنتاجية العالية، والتي ما زالت تنتج منذ سنوات في السودان وإثيوبيا وإريتريا، ويتغذى عليها الإنسان والحيوان بحسب الدكتور عبدالرحمن عثمان الأمين العام لاتحاد المهندسين الزراعيين الأفارقة، الذي يشير إلى أن أسلوب الشركات الاحتكارية يتمثل في تغيير النمط الاستهلاكي لشعوب العالم الثالث بالذات من أجل عبودية الإنسان فهو غزو استعماري غذائي، وإذا لم نعتمد على أنفسنا وننتج غذاءنا بأنفسنا، وننتج بذورنا وتكن لنا مصارفنا الوطنية لحفظ النوع الأصلي من هذه البذور فنحن مقبلون على كارثة.
أكثر من خطر
ويرى بعض الباحثين أن للبذور المحسنة أكثر من خطر، فهي بحسب الدكتور إبراهيم عامر مدير مصرف الأحوال الوراثية النباتية الليبية تؤدي إلى خطرين كبيرين أحدهما استنزاف ميزانية الدولة في استيراد هذه البذور، والخطر الثاني احتكار الشركات الكبرى لهذه البذور مما يجعل الدولة دائماً معتمدة بالكامل على هذه الشركات، بالإضافة إلى خطورة إدخال جينات أخرى على هذه البذور.
الأمراض الجلدية والبطاطا
ويطالب الدكتور المعطي بن قدورة - رئيس الجمعية المغربية لمنتجي البذور، ورئيس الاتحاد المغربي للفلاحة بتشديد الحراسة على قطاع البذور، حيث يقول: يجب أن تكون لقطاع البذور حراسة قوية، فهو يمكن أن نسميه رصيداً وطنياً يجب المحافظة عليه؛ لأن البذور تمثل أصل كل إنتاج. وبالتالي فقد حان الوقت للتفكير الجدي في الموضوع لتجنب المخاطر التي قد تكون عواقبها وخيمة، خصوصاً أننا بدأنا نلمس أن الشركات التي كانت تهتم بصناعة الأدوية أصبحت تهتم بالغذاء، فهي تعرف الهرمونات والمدخلات التي تجلب لها ربحاً على حساب صحة البشر، ولكن بتطوير إنتاجنا محلياً يمكننا تجنب منتجات هذه الشركات الاحتكارية الشيطانية، فقد سبق أن تم استيراد بذور البطاطس، وكانت مصابة بأمراض جلدية. وبذور الطماطم أتت معها ذبابة سميت الذبابة البيضاء، وقد عانت منها المنطقة كثيراً وقضت على الأخضر واليابس، واستغرق القضاء عليها ثلاث سنوات، وهو ما يؤكد بأن هناك من يهدف من وراء هذه البذور للقضاء على إنتاجنا بصفة نهائية حتى يتم تسويق إنتاجه، وهذه هي سياسة الشركات العالمية الاحتكارية.
التوظيف الخبيث
ويرفض الخبراء الآراء التي تعترض على محاولاتهم توضيح أخطار البذور المحسنة من خلال اتهامهم بمعاداة العلم، حيث يرى هؤلاء أن التجارب العلمية كافة أثبتت أن الخطر قادم لا محالة، وأنه محدق بالشعوب كافة خاصة الفقيرة؛ لأن البذور المحسنة عبارة عن خطر مزدوج يتمثل في زيادة الإنتاج، وفي نفس الوقت زيادة الهرمونات والمواد الكيمائية التي تنال من الوسط البيئي و من صحة الإنسان بحسب ما يشير إليه خوسيه الميدا مدير تحرير صحيفة المياه الخضراء البرازيلية، والذي يقول: نحن لسنا ضد العلم والتطور العلمي، لكن نحن ضد سرقة العلم وتوظيفه لأغراض خبيثة ضد الإنسانية.
اتفاقيات خطرة
ولا يقف الأمر عند حد معين، بل يتجاوز الكثير من الخطوط الحمراء التي يصعب على الإنسان تخيلها، ولعل ذلك ما يكشفه الدكتور أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية بقوله الصريح من موقع المسؤولية: إن هناك اتفاقيات دولية مثل منظمة التجارة العالمية التي أنشئت عام 1995، والتي حلت محل منظمة الجات القديمة، وأصبحت هذه الاتفاقية ملزمة للعالم كله، فداخل هذه الاتفاقية هناك اتفاقية رئيسة اسمها اتفاقية حماية الملكية الفكرية، والأخيرة فيها أقسام متعددة للاختراعات والملكية الصناعية والثقافة والحاسوب، والمنتجات النباتية خاصة البذور وأصنافها والأنواع الحيوانية.. وأخطر ما في هذه الاتفاقية يتمثل في هذا الجزء، لأن الإنتاج والملكية الفكرية مرتبط دائماً بالتقدم العلمي، وهذا التقدم العليم والتقني هو أساساً تقدم غربي أو لدول متقدمة، ومعناه أن الدول النامية لا تنتج ملكية فكرية كافية، وبالتالي إذا أرادت الدول النامية أن تطور من إنتاجها الزراعي، لابد وأن تقوم بالحصول على تصريح وتدفع مقابل استخدام بذور محسنة للذرة أو القمح وغيرها، فالشركات الكبيرة تصنع أصنافاً من البذور تستخدم لمرة واحدة، وفي حالة استخدام هذه البذور في الموسم التالي لابد من الرجوع لهذه الشركات الاحتكارية، وبعبارة أخرى، فالملكية الفكرية أصبحت تحكم عملية التطور في نواحي الحياة، ومنها الإنتاج الغذائي، خصوصاً بعد اندماج شركات الاحتكار والتي أصبحت سبع شركات متحكمة في كل المنتجات على مستوى العالم.
أمراض الأغذية
إن مسألة إنتاج بذور محسنة ذات إنتاجية عالية وذات صفات ملائمة للزراعة في المناطق الجافة والحارة، لا يكون إلا باستنباط هذه الأوصاف والسلالات من الموقع ذاته، ولابد من الإشارة إلى خطورة التقنية الحيوية التي تستخدم لتغذية الحيوان، واستخدام منتجاتها الحيوانية لتغذية الإنسان، فتناول أغذية من نباتات محورة وراثياً يسبب العديد من الأمراض وأخطرها أمراض السرطان القاتلة، فالأمور ستكون أكثر صعوبة وخاصة في دول العالم الثالث، لمواجهة الأخطار المترتبة عن أمراض الأغذية التي تعتمد على النباتات المحورة وراثياً، والتي تسمى بأمراض العصر لأن تشخيص هذه الأمراض يحتاج إلى وقت كبير، وحتى في حالة إيجاد علاج سوف لن يكون هذا العلاج في متناول الفقراء، وإن تحسين معدلات الإنتاج من المحاصيل والغلال الزراعية للفلاحين والمزارعين في الدول النامية، يحتاج إلى جهد كبير وتطبيق برامج إنمائية هادفة لتطوير قدرتهم وإرشادهم للنهوض بواقع إنتاجهم، والأمر يتطلب مزيداً من الوقت، ومزيداً من الدعم المالي والجهد المخلص، لتمكينهم من مواجهة المخاطر المحتملة للمستقبل وفقاً لما أكده الدكتور عبدالإله حميد المستشار بالهيئة العربية للاستثمار الزراعي.
جنون البقر
وكشف محمد جمال الدين البيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب عن النتائج الوخيمة المكشوفة للتلاعب الوراثي حيث أشار إلى أن تقدم التقنية في العالم قد أنتج تقنية عالية تحاول تحويل العالم إلى شيء كريه، بهدف الكسب، وعدم مراعاة النواحي الاجتماعية والثقافية والأخلاقية، وتحديداً في مسألة تقنية الوراثة والهندسة الوراثية خاصة، والتي هي تخالف الطبيعة التي خلقها الله عليها، فالكثير في أنحاء العالم يعارض عملية التلاعب بالجينات، فبعد عملية التلاعب بالجينات للبشر والبقر، هاهم يقومون اليوم بالتلاعب في الجينات الوراثية للبذور والنباتات، ويجب ألا نسير في هذا الاتجاه المدمر، فقد شهدنا كيف حصل عندما حاولوا تغيير العلف الحيواني، والذي تحول إلى داء كاد يفتك بالثروة الحيوانية في العديد من الدول، فيجب أن نمنع استيراد هذه الأشياء التي تعود علينا بالضرر، لأننا لا نعلم نتيجتها على الجسم الإنساني وعلى التربة وعلى الحيوان الذي نغذيه بها، وعلى دول العالم أن تعمل بجد لمنع التلاعب بالجينات واستخدام العلم في غير موضعه، وأن نتصدى لمثل هذه الأعمال ونمنع أن تزرع هذه البذور في أراضينا ونمنع استيرادها من الخارج.
القرصنة الزراعية
أما الدكتور حميد الجيلي أستاذ علم الاقتصاد بأكاديمية الدراسات العليا بالجماهيرية العظمى فأشار إلى أن ما تمارسه الشركات الاحتكارية هو قرصنة زراعية وقرصنة تقنية واقتصادية، لأن هذه الشركات تمارس الآن ضغوطاً كبيرة على الدول من أجل إقناعها بترك بذورها الأصلية الطبيعية، واستخدام البذور بحجة زيادة الإنتاج، وهذا ما جعلنا في الوطن العربي نعاني فجوة كبيرة في الغذاء، حيث نستورد أكثر مما نصدر، واتسعت هذه الفجوة التي بدأت بإثنى عشر مليار دولار اليوم، ووصلت إلى ثمانية عشر ملياراً، وهو الفرق بين ما نصدره وما نستورده، وهذا الوضع غير طبيعي وليس بالصدفة وإنما بسبب الاحتكار، وإن ممولي الصراعات والحروب في العالم الثالث هم محتكرو الغذاء.
الربح ولو على حساب حياة البشر
من جهته كشف الدكتور يحيى بكور الأمين العام لاتحاد المهندسين الزراعيين العرب الفروق الخاصة بعمليات التطوير والمخاطر المترتبة عليها، فقال: إن هناك فرقاً بين البذور المحسنة التي تنتجها مراكز البحوث في الدول النامية، وبين البذور المعدلة وراثياً وهي التي تنتجها شركات عالمية احتكارية تهدف من ورائها إلى الربح ولو على حساب صحة المواطن المستهلك، وأيضاً على حساب التنمية بشكل عام. فهذه الشركات التي تنتج حالياً البذور المعدلة وراثياً هي التي كانت تنتج في معظمها الكيماويات التي تسببت في الأذى الكبير لصحة المواطن في الدول النامية. إن هذه الكيماويات بعضها ممنوع استخدامه في الدول التي تنتجها، ولكنهم يسمحون بإنتاجها وتصديرها إلى الدول النامية لهدف واحد هو تحقيق الأرباح ولو على حساب صحة الإنسان في هذه الدول. فالبحوث التي أجريت في هذا المجال أثبتت أن هذه الكيماويات مضرة جداً بالصحة وتسبب فناءً للبشرية، فالبذور المعدلة وراثياً خطرها يكمن في تغير الجين النباتي وإجراء تركيب لجينات جديدة فيها تؤدي إلى عكس الهدف الأساسي وهو التغذية وتصبح بمثابة سموم على الإنسان تسبب الموت لاحقاً.
لا حاجة للعرب بالبذور المحسنة وراثياً
الدكتور سالم اللوزي الأمين العام للمنظمة العربية للتنمية الزراعية أكد أن الوطن العربي بحاجة ماسة إلى استخدام البذور المحسنة ليس وراثياً والتي هي عبارة عن اختيار بعض البذور، وأشار إلى أن الإنتاج من البذور التقليدية الموجودة في الوطن العربي الآن لا يتجاوز عشرة إلى خمسين بالمئة من إنتاج البذور المحسنة، وليست محسنة وراثياً أو جينياً، بل محسنة متطورة مثل اختيار بعض أصناف النخيل وتطويرها حتى تكون مقاومة للآفات، وهذا يعني تطوير بعض الأصناف بشكل أفضل عندما نزرعها تعطينا إنتاجاً أفضل، ونحن في المنطقة العربية بحاجة إلى مثل هذه التحسينات على بعض البذور المحلية، لأن هناك أصنافاً كثيرة محلية مقاومة للحشرات ومقاومة للأمراض، ويجب تحسينها وتطويرها ليس وراثياً أو جينياً، ويجب أن نميز بين هذه البذور المحسنة وبين البذور المحسنة وراثياً، والتي تم التلاعب في جيناتها وفي داخلها، وبالتالي أصبحت ضارة بالحياة وبالبيئة.
إن جل المشاكل التي أصبحت تواجه العالم حالياً بسبب التلاعب بالبيئة من فيضانات وعواصف والتصحر خاصة في الوطن العربي الذي يأكل سنوياً مساحات واسعة، وبالتالي تتقهقر المساحات المزروعة، لاسيما أن المنطقة العربية كلها تقع في منطقة أمطارها قليلة، مشيراً إلى أن الأراضي العربية الصالحة للزراعة تغطي 10 % من اليابسة على مستوى العالم، لكن إنتاج الوطن العربي من السلع الغذائية لا يتجاوز 5 %، وهذا يعني أدنى مستوى في الإنتاج الزراعي في العالم.
حرب التجويع
الأخت سالمة الغزيوي منسقة الشبكة الإعلامية الدولية للحفاظ على الأصول الوراثية والتنوع الحيوي تحدثت عن الهدف السياسي من وراء البذور المحسنة وراثياً فأشارت إلى أن العقيد القذافي قد نبه في حديثه إلى اجتماع الدورة التاسعة عشرة لمجلس المنظمة العربية للتنمية الزراعية في 16 يناير 1990 إلى استمرار حرب التجويع، ومن ثم إمكانية تركيع الشعوب بتجويعها، وتكون الضحية دائماً هي الشعوب نتيجة عدم الوعي وعدم إشهار المشكلة، مؤكدة على ضرورة توعية الشعوب بمخاطر الهندسة الوراثية وما يواجه الشعوب اليوم من تحديات حول الغذاء.
العقم
الدكتور أبو الفتوح محمد عبدالله رئيس قسم تكنولوجيا الحاصلات البستانية بالمركز القومي للبحوث بمصر فند الإدعاءات وكشف الزيف فقال: النباتات خلقت بتركيبة وراثية معينة تعطي الجسم الذي يتغذى عليها ما يحتاجه سواء الإنسان أو الحيوان، ولكن عندما دخلت الشركات بالطمع والجشع لزيادة الإنتاج بصورة فجائية أكثر من اللازم بإدخال جينات في نباتات أخرى برية، أو من بكتيريا أو من أسمال كمحاولة لمقاومة بعض النباتات للملوحة أو لدرجات الحرارة المنخفضة وجد العلماء فعلاً أن إنزيم الإستروجين يزيد جداً في النباتات، خاصة التي يتغذى عليها الإنسان والحيوان، وهذا يسبب في زيادة معدل الإصابة بالعقم أو بالسرطان بالنسبة للإنسان على المدة القريب أو البعيد، لأن تغيير التركيب الجيني أو الوراثي بالنسبة للنبات يترتب عليه إفراز النبات لهرمونات طبيعية تركيبها يختلف باختلاف التركيب الوراثي الذي تم بتدخل الإنسان فيه، وبناء عليه هذا هو الضرر الذي سيقع على الإنسان وصحة الإنسان في المستقبل بسبب استخدامه للأغذية المعدلة وراثياً.. مشيراً إلى أنه لا يمكن التفريق بين ثمرة من نبات مهندس وراثياً وثمرة من نبات غير مهندس وراثياً، يعني حتى في المعامل لا يمكن إدخال ثمرة جوز هند وحبة فول صويا إلى المعمل، والخروج بنتيجة أن هذه البذور مهندسة وراثياً إلا إذا تمت المقارنة بينها وبين النبات الأصلي قبل أن يدخل عليه الهندسة الوراثية.
الأمراض المجهولة
إن هذا الترويج المتعمد والكبير للهندسة الوراثية يفسح المجال أمام ظهور أمراض أكثر خطورة لم يعرفها الإنسان من قبل، فمرض أنفلونزا الطيور الذي انتشر في العالم وسبقه مرض جنون البقر السبب الرئيس لهذه الأمراض هو الأغذية المعدلة وراثياً، وإن الخطر ما زال قائماً من جراء انتشار هذه السموم من خلال التوابل والحبوب والبقوليات والخضروات التي تنتشر في الأسواق، وثبت علمياً مدى أضرارها على المدى البعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.