فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البذور المحسنة ما هي مصادرها؟
نشر في الجمهورية يوم 27 - 12 - 2010

تمثل البذور الخطوة الأولى في إنتاج الغذاء حيث تعتمد على المنتجات الزراعية غالبية الصناعات الغذائية وغير الغذائية؛ ولذلك فالبذور تمثل حجر الزاوية في بنيان النظام الغذائي للعالم، وقد كُشف النقاب بصورة واضحة عن المخاطر التي تحملها البذور المحسنة، وذلك في كتاب صدر حديثاً بعنوان “ما هي مخاطر ما يسمى بالبذور المحسنة؟..دور الشركات الشيطانية العالمية في التحكم في الغذاء العالمي”، وصدر في طرابلس الغرب، في 134 صفحة من القطع المتوسط، واشتمل الكتاب على آراء 49 مسؤولاً وخبيراً وباحثاً أكاديمياً متخصصاً في الزراعة من مختلف أنحاء العالم شاركوا في ندوة خاصة نظمتها إذاعة صوت أفريقيا من الجماهيرية العظمى، ومن بين هؤلاء الخبراء المتخصصون في الزراعة في المنظمات الوطنية والعربية والعالمية، وتمثل مشاركاتهم التي تم تحريرها في هذا الكتاب الذي أصدره المركز العام للإذاعات الموجهة، تذكرة سفر إلى حقيقة البذور المحسنة وما وراءها من الأهوال والمخططات التي تستهدف البشرية جمعاء.
حظر البذور المستوردة
إن البذور المحسنة المستورد قد أثارت حفيظة الباحثين والخبراء من مختلف قارات العالم، وهو ما دفع الجماهيرية الليبية إلى تقديم مشروع قرار للقمة الأفريقية بشأن حظر البذور المستوردة في القارة الأفريقية، وهو المشروع بحسب الدكتور علي عبدالسلام التريكي الذي أقره الاتحاد الأفريقي بالإجماع، ويتضمن فقرات تتعلق بالأهمية الحيوية للبذور كأحد المدخلات الرئيسة في عملية الإنتاج الزراعي، وزيادة الكمية، والتحسن النوعي لذلك الإنتاج، تحقيقاً للأمن الغذائي في أفريقيا. . ويشير التريكي إلى أن صناعة البذور بمفهومها المتكامل الحلقات لا تزال تعد إحدى الصناعات التي تكاد تستأثر بها الدول المتقدمة، وتفتقر إليها الدول النامية بالرغم من أهميتها في توفير الغذاء والاستثمار الأمثل لمواردها الطبيعية والبشرية، ولكن التطورات الأخيرة لصناعة البذور، واحتكارها من خلال حماية مختلف الحقوق القانونية والفنية تحول دون الاستفادة من هذه الصناعة.
إرهاب دولي
وتعد مخاطر البذور المعدلة واحتكار الحبوب بمثابة إرهاب دولي بكل ما تعنيه الكلمة، وفقاً للدكتور محمود جبريل المستشار الدولي في الدراسات الإستراتيجية، لأن هذا الاحتكار يطال الأرض والنبات والهواء والإنسان والحيوان، أي المحيط بكل أبعاده.. ويكشف جبريل عن وجود مساحات محددة وصغيرة تخصص للتجارب في الدول المحتكرة لصناعة البذور، في حين تخصص ملايين الهكتارات في كل من الصين والهند والأرجنتين وباكستان والبرازيل وغيرها لهذه التجارب، وتستخدم ثلاثة أقمار صناعية لمراقبتها، وهو ما يمثل مفارقات مفزعة بكل المقاييس تشير بوضوح إلى التوجه نحو تدمير القاعدة الغذائية في دول العالم النامي، ويشيد بموقف زامبيا التي رفضت رغم كل الضغوط أن يتم اختراقها عن طريق البذور المحسنة.
قمح من الخنزير
أما خطورة البذور المعدلة جينياً، فتكمن في الجين الذي يدخل في البذرة والذي لا يمكن معرفة كونه إنسانياً أم حيوانياً، فقد يكون خنزيراً، أو جين نبات، وبالتالي قد يأكل الإنسان هذه البذور التي نبتت في شكل قمح أو شعير أو جزء من لحم إنسان أو حيوان، فتصور الدمار البيئي الذي يمكن أن تحدثه بذرة معدلة جينياً خلال عشر سنوات في محيط يصعب السيطرة عليه داخل البلد الواحد؛ لأنه يحدث اختلالاً بيئياً في التوازن البيئي؛ لأن البذرة مصنعة وغير طبيعية.
حرب البذور
ويكشف كبير خبراء منظمة الفاو الدكتور زيدان سيد عبدالعال النقاب عن مسلسل البذور المحسنة فيشير إلى أن شركات المبيدات والأسمدة التابعة للدول المتقدمة اشترت شركات البذور التي بلغ عددها 600 شركة تحتكر البذور والمزروع منها ما يقارب المئتي مليون فدان على مستوى العالم، وهي البذور التي تقاوم الآفات والأمراض، وتعطي إنتاجية كبيرة جداً، ولكن تكلفتها المالية عالية، بالإضافة إلى أن الشركات المحتكرة قد وضعت لها فترة صلاحية محددة، وبالتالي فالحرب القادمة ستكون حرب البذور، فمن يملكها يستطيع أن يوجه سياسة العالم.
تجربة ناجحة
وبعيداً عن الدعاية التي تمولها تلك الشركات الاحتكارية فقد أثبتت التجارب إمكانية الاستغناء عنها بتدريب الكوادر على علوم العصر، حيث استطاع أحد علماء السودان إنتاج نوع من الذرة الرفيعة ذات الإنتاجية العالية، والتي ما زالت تنتج منذ سنوات في السودان وإثيوبيا وإريتريا، ويتغذى عليها الإنسان والحيوان بحسب الدكتور عبدالرحمن عثمان الأمين العام لاتحاد المهندسين الزراعيين الأفارقة، الذي يشير إلى أن أسلوب الشركات الاحتكارية يتمثل في تغيير النمط الاستهلاكي لشعوب العالم الثالث بالذات من أجل عبودية الإنسان فهو غزو استعماري غذائي، وإذا لم نعتمد على أنفسنا وننتج غذاءنا بأنفسنا، وننتج بذورنا وتكن لنا مصارفنا الوطنية لحفظ النوع الأصلي من هذه البذور فنحن مقبلون على كارثة.
أكثر من خطر
ويرى بعض الباحثين أن للبذور المحسنة أكثر من خطر، فهي بحسب الدكتور إبراهيم عامر مدير مصرف الأحوال الوراثية النباتية الليبية تؤدي إلى خطرين كبيرين أحدهما استنزاف ميزانية الدولة في استيراد هذه البذور، والخطر الثاني احتكار الشركات الكبرى لهذه البذور مما يجعل الدولة دائماً معتمدة بالكامل على هذه الشركات، بالإضافة إلى خطورة إدخال جينات أخرى على هذه البذور.
الأمراض الجلدية والبطاطا
ويطالب الدكتور المعطي بن قدورة - رئيس الجمعية المغربية لمنتجي البذور، ورئيس الاتحاد المغربي للفلاحة بتشديد الحراسة على قطاع البذور، حيث يقول: يجب أن تكون لقطاع البذور حراسة قوية، فهو يمكن أن نسميه رصيداً وطنياً يجب المحافظة عليه؛ لأن البذور تمثل أصل كل إنتاج. وبالتالي فقد حان الوقت للتفكير الجدي في الموضوع لتجنب المخاطر التي قد تكون عواقبها وخيمة، خصوصاً أننا بدأنا نلمس أن الشركات التي كانت تهتم بصناعة الأدوية أصبحت تهتم بالغذاء، فهي تعرف الهرمونات والمدخلات التي تجلب لها ربحاً على حساب صحة البشر، ولكن بتطوير إنتاجنا محلياً يمكننا تجنب منتجات هذه الشركات الاحتكارية الشيطانية، فقد سبق أن تم استيراد بذور البطاطس، وكانت مصابة بأمراض جلدية. وبذور الطماطم أتت معها ذبابة سميت الذبابة البيضاء، وقد عانت منها المنطقة كثيراً وقضت على الأخضر واليابس، واستغرق القضاء عليها ثلاث سنوات، وهو ما يؤكد بأن هناك من يهدف من وراء هذه البذور للقضاء على إنتاجنا بصفة نهائية حتى يتم تسويق إنتاجه، وهذه هي سياسة الشركات العالمية الاحتكارية.
التوظيف الخبيث
ويرفض الخبراء الآراء التي تعترض على محاولاتهم توضيح أخطار البذور المحسنة من خلال اتهامهم بمعاداة العلم، حيث يرى هؤلاء أن التجارب العلمية كافة أثبتت أن الخطر قادم لا محالة، وأنه محدق بالشعوب كافة خاصة الفقيرة؛ لأن البذور المحسنة عبارة عن خطر مزدوج يتمثل في زيادة الإنتاج، وفي نفس الوقت زيادة الهرمونات والمواد الكيمائية التي تنال من الوسط البيئي و من صحة الإنسان بحسب ما يشير إليه خوسيه الميدا مدير تحرير صحيفة المياه الخضراء البرازيلية، والذي يقول: نحن لسنا ضد العلم والتطور العلمي، لكن نحن ضد سرقة العلم وتوظيفه لأغراض خبيثة ضد الإنسانية.
اتفاقيات خطرة
ولا يقف الأمر عند حد معين، بل يتجاوز الكثير من الخطوط الحمراء التي يصعب على الإنسان تخيلها، ولعل ذلك ما يكشفه الدكتور أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية بقوله الصريح من موقع المسؤولية: إن هناك اتفاقيات دولية مثل منظمة التجارة العالمية التي أنشئت عام 1995، والتي حلت محل منظمة الجات القديمة، وأصبحت هذه الاتفاقية ملزمة للعالم كله، فداخل هذه الاتفاقية هناك اتفاقية رئيسة اسمها اتفاقية حماية الملكية الفكرية، والأخيرة فيها أقسام متعددة للاختراعات والملكية الصناعية والثقافة والحاسوب، والمنتجات النباتية خاصة البذور وأصنافها والأنواع الحيوانية.. وأخطر ما في هذه الاتفاقية يتمثل في هذا الجزء، لأن الإنتاج والملكية الفكرية مرتبط دائماً بالتقدم العلمي، وهذا التقدم العليم والتقني هو أساساً تقدم غربي أو لدول متقدمة، ومعناه أن الدول النامية لا تنتج ملكية فكرية كافية، وبالتالي إذا أرادت الدول النامية أن تطور من إنتاجها الزراعي، لابد وأن تقوم بالحصول على تصريح وتدفع مقابل استخدام بذور محسنة للذرة أو القمح وغيرها، فالشركات الكبيرة تصنع أصنافاً من البذور تستخدم لمرة واحدة، وفي حالة استخدام هذه البذور في الموسم التالي لابد من الرجوع لهذه الشركات الاحتكارية، وبعبارة أخرى، فالملكية الفكرية أصبحت تحكم عملية التطور في نواحي الحياة، ومنها الإنتاج الغذائي، خصوصاً بعد اندماج شركات الاحتكار والتي أصبحت سبع شركات متحكمة في كل المنتجات على مستوى العالم.
أمراض الأغذية
إن مسألة إنتاج بذور محسنة ذات إنتاجية عالية وذات صفات ملائمة للزراعة في المناطق الجافة والحارة، لا يكون إلا باستنباط هذه الأوصاف والسلالات من الموقع ذاته، ولابد من الإشارة إلى خطورة التقنية الحيوية التي تستخدم لتغذية الحيوان، واستخدام منتجاتها الحيوانية لتغذية الإنسان، فتناول أغذية من نباتات محورة وراثياً يسبب العديد من الأمراض وأخطرها أمراض السرطان القاتلة، فالأمور ستكون أكثر صعوبة وخاصة في دول العالم الثالث، لمواجهة الأخطار المترتبة عن أمراض الأغذية التي تعتمد على النباتات المحورة وراثياً، والتي تسمى بأمراض العصر لأن تشخيص هذه الأمراض يحتاج إلى وقت كبير، وحتى في حالة إيجاد علاج سوف لن يكون هذا العلاج في متناول الفقراء، وإن تحسين معدلات الإنتاج من المحاصيل والغلال الزراعية للفلاحين والمزارعين في الدول النامية، يحتاج إلى جهد كبير وتطبيق برامج إنمائية هادفة لتطوير قدرتهم وإرشادهم للنهوض بواقع إنتاجهم، والأمر يتطلب مزيداً من الوقت، ومزيداً من الدعم المالي والجهد المخلص، لتمكينهم من مواجهة المخاطر المحتملة للمستقبل وفقاً لما أكده الدكتور عبدالإله حميد المستشار بالهيئة العربية للاستثمار الزراعي.
جنون البقر
وكشف محمد جمال الدين البيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب عن النتائج الوخيمة المكشوفة للتلاعب الوراثي حيث أشار إلى أن تقدم التقنية في العالم قد أنتج تقنية عالية تحاول تحويل العالم إلى شيء كريه، بهدف الكسب، وعدم مراعاة النواحي الاجتماعية والثقافية والأخلاقية، وتحديداً في مسألة تقنية الوراثة والهندسة الوراثية خاصة، والتي هي تخالف الطبيعة التي خلقها الله عليها، فالكثير في أنحاء العالم يعارض عملية التلاعب بالجينات، فبعد عملية التلاعب بالجينات للبشر والبقر، هاهم يقومون اليوم بالتلاعب في الجينات الوراثية للبذور والنباتات، ويجب ألا نسير في هذا الاتجاه المدمر، فقد شهدنا كيف حصل عندما حاولوا تغيير العلف الحيواني، والذي تحول إلى داء كاد يفتك بالثروة الحيوانية في العديد من الدول، فيجب أن نمنع استيراد هذه الأشياء التي تعود علينا بالضرر، لأننا لا نعلم نتيجتها على الجسم الإنساني وعلى التربة وعلى الحيوان الذي نغذيه بها، وعلى دول العالم أن تعمل بجد لمنع التلاعب بالجينات واستخدام العلم في غير موضعه، وأن نتصدى لمثل هذه الأعمال ونمنع أن تزرع هذه البذور في أراضينا ونمنع استيرادها من الخارج.
القرصنة الزراعية
أما الدكتور حميد الجيلي أستاذ علم الاقتصاد بأكاديمية الدراسات العليا بالجماهيرية العظمى فأشار إلى أن ما تمارسه الشركات الاحتكارية هو قرصنة زراعية وقرصنة تقنية واقتصادية، لأن هذه الشركات تمارس الآن ضغوطاً كبيرة على الدول من أجل إقناعها بترك بذورها الأصلية الطبيعية، واستخدام البذور بحجة زيادة الإنتاج، وهذا ما جعلنا في الوطن العربي نعاني فجوة كبيرة في الغذاء، حيث نستورد أكثر مما نصدر، واتسعت هذه الفجوة التي بدأت بإثنى عشر مليار دولار اليوم، ووصلت إلى ثمانية عشر ملياراً، وهو الفرق بين ما نصدره وما نستورده، وهذا الوضع غير طبيعي وليس بالصدفة وإنما بسبب الاحتكار، وإن ممولي الصراعات والحروب في العالم الثالث هم محتكرو الغذاء.
الربح ولو على حساب حياة البشر
من جهته كشف الدكتور يحيى بكور الأمين العام لاتحاد المهندسين الزراعيين العرب الفروق الخاصة بعمليات التطوير والمخاطر المترتبة عليها، فقال: إن هناك فرقاً بين البذور المحسنة التي تنتجها مراكز البحوث في الدول النامية، وبين البذور المعدلة وراثياً وهي التي تنتجها شركات عالمية احتكارية تهدف من ورائها إلى الربح ولو على حساب صحة المواطن المستهلك، وأيضاً على حساب التنمية بشكل عام. فهذه الشركات التي تنتج حالياً البذور المعدلة وراثياً هي التي كانت تنتج في معظمها الكيماويات التي تسببت في الأذى الكبير لصحة المواطن في الدول النامية. إن هذه الكيماويات بعضها ممنوع استخدامه في الدول التي تنتجها، ولكنهم يسمحون بإنتاجها وتصديرها إلى الدول النامية لهدف واحد هو تحقيق الأرباح ولو على حساب صحة الإنسان في هذه الدول. فالبحوث التي أجريت في هذا المجال أثبتت أن هذه الكيماويات مضرة جداً بالصحة وتسبب فناءً للبشرية، فالبذور المعدلة وراثياً خطرها يكمن في تغير الجين النباتي وإجراء تركيب لجينات جديدة فيها تؤدي إلى عكس الهدف الأساسي وهو التغذية وتصبح بمثابة سموم على الإنسان تسبب الموت لاحقاً.
لا حاجة للعرب بالبذور المحسنة وراثياً
الدكتور سالم اللوزي الأمين العام للمنظمة العربية للتنمية الزراعية أكد أن الوطن العربي بحاجة ماسة إلى استخدام البذور المحسنة ليس وراثياً والتي هي عبارة عن اختيار بعض البذور، وأشار إلى أن الإنتاج من البذور التقليدية الموجودة في الوطن العربي الآن لا يتجاوز عشرة إلى خمسين بالمئة من إنتاج البذور المحسنة، وليست محسنة وراثياً أو جينياً، بل محسنة متطورة مثل اختيار بعض أصناف النخيل وتطويرها حتى تكون مقاومة للآفات، وهذا يعني تطوير بعض الأصناف بشكل أفضل عندما نزرعها تعطينا إنتاجاً أفضل، ونحن في المنطقة العربية بحاجة إلى مثل هذه التحسينات على بعض البذور المحلية، لأن هناك أصنافاً كثيرة محلية مقاومة للحشرات ومقاومة للأمراض، ويجب تحسينها وتطويرها ليس وراثياً أو جينياً، ويجب أن نميز بين هذه البذور المحسنة وبين البذور المحسنة وراثياً، والتي تم التلاعب في جيناتها وفي داخلها، وبالتالي أصبحت ضارة بالحياة وبالبيئة.
إن جل المشاكل التي أصبحت تواجه العالم حالياً بسبب التلاعب بالبيئة من فيضانات وعواصف والتصحر خاصة في الوطن العربي الذي يأكل سنوياً مساحات واسعة، وبالتالي تتقهقر المساحات المزروعة، لاسيما أن المنطقة العربية كلها تقع في منطقة أمطارها قليلة، مشيراً إلى أن الأراضي العربية الصالحة للزراعة تغطي 10 % من اليابسة على مستوى العالم، لكن إنتاج الوطن العربي من السلع الغذائية لا يتجاوز 5 %، وهذا يعني أدنى مستوى في الإنتاج الزراعي في العالم.
حرب التجويع
الأخت سالمة الغزيوي منسقة الشبكة الإعلامية الدولية للحفاظ على الأصول الوراثية والتنوع الحيوي تحدثت عن الهدف السياسي من وراء البذور المحسنة وراثياً فأشارت إلى أن العقيد القذافي قد نبه في حديثه إلى اجتماع الدورة التاسعة عشرة لمجلس المنظمة العربية للتنمية الزراعية في 16 يناير 1990 إلى استمرار حرب التجويع، ومن ثم إمكانية تركيع الشعوب بتجويعها، وتكون الضحية دائماً هي الشعوب نتيجة عدم الوعي وعدم إشهار المشكلة، مؤكدة على ضرورة توعية الشعوب بمخاطر الهندسة الوراثية وما يواجه الشعوب اليوم من تحديات حول الغذاء.
العقم
الدكتور أبو الفتوح محمد عبدالله رئيس قسم تكنولوجيا الحاصلات البستانية بالمركز القومي للبحوث بمصر فند الإدعاءات وكشف الزيف فقال: النباتات خلقت بتركيبة وراثية معينة تعطي الجسم الذي يتغذى عليها ما يحتاجه سواء الإنسان أو الحيوان، ولكن عندما دخلت الشركات بالطمع والجشع لزيادة الإنتاج بصورة فجائية أكثر من اللازم بإدخال جينات في نباتات أخرى برية، أو من بكتيريا أو من أسمال كمحاولة لمقاومة بعض النباتات للملوحة أو لدرجات الحرارة المنخفضة وجد العلماء فعلاً أن إنزيم الإستروجين يزيد جداً في النباتات، خاصة التي يتغذى عليها الإنسان والحيوان، وهذا يسبب في زيادة معدل الإصابة بالعقم أو بالسرطان بالنسبة للإنسان على المدة القريب أو البعيد، لأن تغيير التركيب الجيني أو الوراثي بالنسبة للنبات يترتب عليه إفراز النبات لهرمونات طبيعية تركيبها يختلف باختلاف التركيب الوراثي الذي تم بتدخل الإنسان فيه، وبناء عليه هذا هو الضرر الذي سيقع على الإنسان وصحة الإنسان في المستقبل بسبب استخدامه للأغذية المعدلة وراثياً.. مشيراً إلى أنه لا يمكن التفريق بين ثمرة من نبات مهندس وراثياً وثمرة من نبات غير مهندس وراثياً، يعني حتى في المعامل لا يمكن إدخال ثمرة جوز هند وحبة فول صويا إلى المعمل، والخروج بنتيجة أن هذه البذور مهندسة وراثياً إلا إذا تمت المقارنة بينها وبين النبات الأصلي قبل أن يدخل عليه الهندسة الوراثية.
الأمراض المجهولة
إن هذا الترويج المتعمد والكبير للهندسة الوراثية يفسح المجال أمام ظهور أمراض أكثر خطورة لم يعرفها الإنسان من قبل، فمرض أنفلونزا الطيور الذي انتشر في العالم وسبقه مرض جنون البقر السبب الرئيس لهذه الأمراض هو الأغذية المعدلة وراثياً، وإن الخطر ما زال قائماً من جراء انتشار هذه السموم من خلال التوابل والحبوب والبقوليات والخضروات التي تنتشر في الأسواق، وثبت علمياً مدى أضرارها على المدى البعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.