في الآونة الأخيرة وفي ضل حالة الاحتقان السياسي ، (ثورة شبابية ، أزمة سياسية ، حراك ، قاعدة ، حوثيين ، مبادرة خليجية ، شرعية دستورية أم ثورية ، قمع ودكتاتورية ووو وو) ، كل هذه العوامل في مجتمع كالمجتمع اليمني ما كان لها إلا أن تسفر عن (حرب أهلية ، مناطقية ، طائفية ، عرقية و سياسية ووو وو ) في ضل الإقصاء ، العمالة في اسوأ صورها ابتذالاً ، التعبئة الخاطئة ، السلاح والتسليح ، السعي نحو السلطة ، دعوات الحسم ، دعوات التحرر ، والغايات لا تبرر دائماً الوسائل. في ضل هذه التناقضات والتنحارات ، وفشل أغلب التحالفات العسكرية القبلية السياسية ، جاءت الحاجة الماسة لرجل المراحل ، عبدربه منصور هادي رجل المرحلة. حجر الزاوية "هادي" وسقوط كل الأركان النظام. عرف لعبدربه منصور هادي مجموعة من نقاط الضعف ، التي لطالما أنتقده بها العامة من المواطنين ، والتي تبين مؤخراً بأنها نفسها نقاط قوته ، فقد أُنتقد فيه عدم الخوض في الخلافات ، التي لطالما عصفت باليمن منذ توليه لمنصب نائب رئيس الجمهورية اليمنية ، ولمن لا يعلم فأن هادي لطالما كان شخصاً توافقياً لا يميل للحروب الإعلامية ، وهذا ما أضهره بهذا الشكل السلبي ، ولطالما كان بشخصيته التي تحضَ باحترام الجميع ، سبباً في نزع فتيل الحرب بين مراكز القوى في اليمن أكثر مرة ، وليس ببعيد عنَّا مساعيه للتقريب بين الأطراف المتنازعة في أحداث هذا العام ، دون أن يضطر لمهاجمة أي طرف بالرغم من محاولة جره لذلك من قبل الجميع .
يقول المقربين منه بأنه يتميز بسحر خاص يكمن في هدوءه ، وهذا الأمر الذي مكنه من شق ما كان يسمى بالزمرة (أحدى فرقاء أحداث 13 يناير 86) ، فهادي لم يكن الشخصية الأولى في هذا التكتل الذي نفي إلى شمال اليمن في الثمانينيات من القرن الماضي ، بل أنه ظاهرياً لم يكن من شخصيات الصف الأول في الزمرة ، إلا أنه استطاع استمالة غالبية عناصر الزمرة في صيف 1994م ، للقتال في صف الرئيس صالح ضد شريكه في توقيع الوحدة نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض، بالرغم من تواجد محمد علي أحمد ( القائد العسكري الأبرز للزمرة ) في الضفة المقابلة لميدان الحرب المشئومة تلك.
وهاهو عبدربه منصور هادي يعود لممارسة سحرة من جديد ، ليكتسب مكانة سياسية تجعل جميع أطراف الأزمة اليمنية تجتهد مغازلته بأجمل عبارات التمجيد والمديح والإثارة ، وهذا كما يقول مراقبون ما لم تفهمه قيادات الحركة الشعبية الجنوبية (الحراك الجنوبي ) ، ويضيفون لعلها خلافات قديمة جعلت تلك القيادات التي تنتمي في غالبيتها لما كان يسمى بالطقمة الاشتراكية في أحداث يناير 86 ، لم تحبذ استطلاف عساكر الزمرة المتحاربة معها بالرغم من إعلان الحراك الجنوبي لمبدأ التصالح والتسامح بين الجنوبيين منذ انطلاقته قبل أربع سنوات.
بالمقابل الرئيس اليمني صالح كان الأذكى ، فقد أبقى على الفريق عبدربه منصور هادي دائماً متواجداً إلى جواره ، كرفيق عسكري سياسي قبلي جنوبي ، عندما فقد تحالفاته القوية التي كانت تعد أركان أساسية في نظامه ، التحالف القبلي بوفاة الشيخ الأحمر والعسكري بإنشاق اللواء الأحمر ، والسياسي بوفاة عبدالعزيز عبدالغني ، وحينما فقد اليمن أي مساحة للالتقاء بين فرقاء السياسة والجيش ضل شخص عبدربه منصور همزةً للوصل بين الجميع. من هو عبدربه منصور هادي ولد عبدربة منصور هاد بقرية ذكين التابعة لمحافظة أبين عام 1945، وتخرج عام 1964 في مدرسة "جيش محمية عدن" العسكرية الخاصة بتأهيل وتدريب أبناء ضباط الجيش الاتحادي للجنوب العربي. إنضم للجيش اليمني 1970 ورقي إلى لواء في عام 1991 ، ارتقى عبد ربه منصور هادي، في مناصب القطاع الأمني ابتداء بدرجة ضابط في جيش الجنوب العربي عام 1966 حتى رتبة فريق عام 1997. عمل قائدا لفصيلة المدرعات، وبعد الاستقلال (27 نوفمبر/تشرين الثاني 1967) عين قائدا لسرية مدرعات في قاعدة العند في المحور الغربي لجنوب اليمن، ثم مديرا لمدرسة المدرعات، ثم أركان حرب سلاح المدرعات، ثم أركان حرب الكلية الحربية، ثم مديرا لدائرة تدريب القوات المسلحة. سنة 1972 انتقل إلى محور الضالع، وعين نائبا ثم قائدا لمحور كرش، وكان عضو لجنة وقف إطلاق النار، ورئيس اللجنة العسكرية في المباحثات الثنائية التالية للحرب مع الشمال. استقر في مدينة عدن مديرا لإدارة التدريب في الجيش، مع مساعدته لرئيس الأركان العامة إداريا، ثم رئيسا لدائرة الإمداد والتموين العسكري بعد سقوط حكم الرئيس سالم ربيع علي، وتولي عبد الفتاح إسماعيل الرئاسة. رقي إلى درجة نائب لرئيس الأركان لشؤون الإمداد والإدارة معنيا بالتنظيم وبناء الإدارة في الجيش بداية من سنة 1983، وكان رئيس لجنة التفاوض في صفقات التسليح مع الجانب السوفياتي، وتكوين الألوية العسكرية الحديثة. عمل مع زملائه على لملمة شمل الألوية العسكرية التي نزحت معهم إلى الشمال، وإعادة تجميعها إلى سبعة ألوية، والتنسيق مع السلطات في الشمال لترتيب أوضاعها ماليا وإداريا، وأطلق عليها اسم ألوية الوحدة اليمنية، وظل في شمال اليمن حتى يوم 22 مايو/أيار 1990، تاريخ تحقيق الوحدة اليمنية. عين قائدا لمحور البيضاء، وشارك في حرب 1994. وفي مايو/أيار 1994 صدر قرار تعيينه وزيرا للدفاع، ثم عين نائبا للرئيس في 3 أكتوبر/تشرين الأول من نفس السنة..
ولازال منصور هادي في نضر كثير من المراقبين بأنه الرجل الجوكر ، في أي صف قرر الانضمام إليه ، سواءً أكان في صف النظام أو المعارضة ، وبالمقابل الوحدة أو الانفصال ، وفي الأخير ليس أمام هذا الرجل إلا أن يحسن الاختيار؟. أو أن يحسن الحساب عند الاختيار؟.. ، وفي كلا الحالتين الرهان على الجهة التي ينضم إليها هو الرهان الكاسب ، فهذه الشخصية الوطنية يعول عليها الجميع في انتشال اليمن من الوضع المزري الذي تمر به والإسهام في عدم جر البلد إلى الانهيار. ، فإلى أين سيتجه البدوي المُسيس في المرحلة القادمة؟..