القضاء ملجأ المظلومين والمنتهكة حقوقهم يلجئون للقضاء لاستعادة حقوقهم المنهوبة وحماية حقوقهم المشروعة وردع الظالمين والمنتهكين .. حق اللجوء للقضاء حق دستوري لجميع المواطنين وفقا لما نصت عليه المادة(51) من الدستور اليمني :
( يحق للمواطن ان يلجا الى القضاء لحماية حقوقه ومصالحة المشروعة وله الحق في تقديم الشكاوى والانتقادات والمقترحات الى اجهزة الدولة ومؤسساتها بصورة مباشرة او غير مباشرة . )
كما أأكدت على ذلك المادة(49): والتي نصت على :
( حق الدفاع اصالة او وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى وامام جميع المحاكم وفقا لأحكام القانون وتكفل الدولة العون القضائي لغير القادرين وفقا للقانون ) .
ويستلزم الفصل والبت في القضايا المنظورة امام القضاء بسرعة ودون أي تباطؤ او تأخير يعتبر جريمة انكار عدالة والذي نصت على ذلك قانون العقوبات في المادة(186):
( كل قاضي امتنع عن الحكم يعاقب بالعزل و بالغرامة ويعد متمنعا عن الحكم كل قاضي ابي او توقف عن اصدار حكم بعد تقديم طلب اليه في هذا الشان .)
ولضمان حياد واستقلال القضاء نص على تجريم المساس باستقلال القضاء وحياده والتي نصت على ذلك المادة(187) عقوبات :
( يعاقب الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات كل موظف او ذي وجاهة تدخل لدى قاضي او محكمة لصالح احد الخصوم او اضرارا به بطريق الامر او الطلب او الرجاء او التوصية .)
كما اوضح قانون العقوبات ان انحراف القضاء عن الحق يعتبر جريمة يعاقب عليه القانون حيث نصت على ذلك المادة(188) عقوبات :
( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات كل قاضي تعمد الحكم بغير الحق نتيجة رجاء او توصية او وساطة او ميل لاحد الخصوم .)
ولهذه الوظيفة الهامه الذي يقوم بها القضاء تم منح منتسبيه حصانه وقداسة واحترام الشعب لهم .. ليس لأشخاصهم بل لعملهم الهام الذين يقومون به ...
بمعنى ان القداسة والاحترام والحصانة لمنتسبي القضاء مرتبطة بقيامهم بعملهم الذي حدده القانون لهم بكفاءة وحياد واستقلال وعدالة ناجزة اذا ما قصر او تجاوز ترفع عنه القداسة ويتحول الى انسان طبيعي يخطأ ويصيب وخير الخطاءين التوابين الذين يتراجعون عن اخطاءهم ويصححونها دون كبرياء ودون عنجهية وبتواضع واحترام لقداسة القضاء الذي يستوجب على جميع منتسبيه الحفاظ عليه من ان يثلم .. حتى لو كان هناك سوء تفاهم او سوء فهم من قبل افراد الشعب عن اداء القضاء لا يستلزم ذلك تكميم الافواه وانتهاك كرامة الانسان وحجز حريته الاقرب لذلك كله هو قيام مجلس القضاء الاعلى بتفعيل دور قسم الاعلام لديه ليصدر توضيح قانوني يوضح أي موضوع يتم اثارته في وسائل الاعلام عن القضاء فان اخطأ القاضي يحال للتحقيق السريع والجاد وان لم يخطئ وكان هناك سوء فهم للموضوع يتم ازالة اللبس والتوضيح وللقاضي حق الاستمرار في نظر القضية بحياد و دون أي عناد او التنحي واحالتها لقاضي اخر وهذا يعتبر حق قانوني للقاضي عند شعوره بالحرج .. وفقا لما نص على ذلك قانون المرافعات في المادة(134):
( يجوز للقاضي اذا استشعر الحرج في نظر الدعوى لأي سبب آخر ان يعرض الآمر على رئيس المحكمة الابتدائية او رئيس محكمة الاستئناف على حسب الاحوال لإقراره على التنحي عن نظرها اذا كان السبب واضحا ومعقولا او امره بالاستمرار في نظرها ويثبت ذلك في محضر الجلسة على النحو المبين في المادة السابقة )
قداسة القضاء لا تعني تكميم الافواه ومنع النقد البناء لأداء منتسبي القضاء فهم بشر مثل بقية افراد الشعب يخطئون ويصيبون لو كانوا ملائكة لا يخطئون كانوا يسبحون في السماء مع الملائكة الاخرين ..
أي ادارة او جهاز يمتنع على الشعب نقده ووضع الملاحظات عليه يتحول الى جهاز استبدادي فاشل وخير مثال لذلك الاجهزة الامنية في أي دولة يمتنع نقدها تتحول الى اجهزة استبدادية ينخرها الفساد باستمرار حتى تسقط وبعد ان تسقط يتفاجأ الشعب بهول الكارثة لتلك الاجهزة والتجاوزات والانتهاكات والفشل والاخفاقات الذي كان سبب كل تلك الكارثة تكميم الافواه ومنع النقد لها ..
لا نرغب ان يكون مصير القضاء مثل مصير تلك الاجهزة الامنية فالقضاء سلطة هامه انشأت لتحقيق العدالة والانصاف للجميع بحياد واستقلال والضرب بمطرقة القانون على المنتهكين له والمتجاوزين وانصاف المظلومين من مخالفة القانون ..
لذلك كانت السلطة القضائية هي السلطة الثالثة بعد التشريعية و التنفيذية ليس كونها اقل اهميه بل على العكس السلطة القضائية هي اهم سلطات الدولة ولكن ؟
كون التشريعية تشرع القوانين و التنفيذية تنفذها والقضائية تصحح أي تجاوزات او مخالفات للقانون من قبل السلطة التنفيذية او بين افراد الشعب ..
السلطة القضائية هي الضامن لحقوق الانسان وحرياته وتطبيق القانون بحياد واستقلال ودون أي تمييز او استثناء ..وفقا لما نص الدستور والتي نصت المادة(149): على :
( القضاء سلطة مستقلة قضائيا وماليا واداريا والنيابة العامة هيئة من هيئاته وتتولى المحاكم الفصل في جميع المنازعات والجرائم والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا او في شان من شئون العدالة ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط الدعوى فيها بالتقادم )
الدستور اوضح بصراحة استقلال القضاء وحياده ومنع التدخل في شؤونه ليقوم باداء واجباته بسرعة وانجاز ...
استقلال القضاء لا يعني عدم وجود ضوابط وآداب تضبط اداء منتسبي القضاء والذي اوضحها قانون المرافعات وتم تخصيص الفصل الخامس لتوضيح ذلك في مواده ( 26-32 ) و التي اوضحت آداب وضوابط على القاضي الالتزام بها اثناء عمله واوضح محاكمة القاضي المخالف لأصول وآداب القضاء جنائياً وتأديبياً كالتالي :
1- يجب على القاضي ان يسوي بين الخصمين في مجلس قضائه... المادة(26) .
2- لا يجوز للقاضي ان يشير الى احد الخصمين او يلقنه حجه ... المادة(27) .
3- لا يجوز للقاضي ان يلقن الشهود ... المادة(28)
4- لا يجوز للقاضي اثناء نظر الدعوى ان يستضيف احد الخصمين او ان يستضاف عند احدهما.. ...المادة(29)
5- لا يجوز للقاضي ان يقبل من احد الخصوم هدية ... المادة(30) .
6- يراعى القاضي في سلوكه الآداب الرفيعة والتقاليد القضائية التي يتحلى بها رجال العدالة.. ..المادة(31) .
7- اذا خالف القاضي اصول مهنته وآدابها او اخل بشرفها حوكم جنائيا او تاديبيا طبقا للمنصوص عليه في قانون السلطة القضائية والقوانين النافذة ... المادة(32) .
كما اوضح القانون محظورات على منتسبي القضاء مزاولة التجارة ووجوبيه تقديم كشف بما يملكه من مال وعقار ويراجع ذلك بشكل سنوي والذي نصت على ذلك المادة (81) من قانون السلطة القضائية :
( يحظر على القضاة مزاولة التجارة ، ولا يجوز الجمع بين وظيفة القضاء وأي وظيفة أخرى أو أي عمل لا يتفق مع واجبات القاضي واستقلال وكرامة القضاة .)
كما اوضحت المادة (82) سلطة قضائية :
( كل من يتولى وظيفة من وظائف السلطة القضائية يجب عليه قبل مباشرته لأعماله أن يقدم كشف بما يملكه من مال وعقار ويراجع من قبل جهة الاختصاص في مجلس القضاء الأعلى بصورة سنوية . )
أي تجاوزات او تقصير في اداء منتسبي القضاء يجعلهم كما اوضحنا تحت رقابة واجراءات التفتيش القضائي الذي يعتبر الجهاز المختص بالرقابة على اعمالهم واستقبال شكاوى المواطنين ضد منتسبي القضاء والبت فيها وفقا لما ثيت لديه وفقاً لما اوضحه ونص عليه قانون السلطة القضائية كالتالي :
مادة (92) أ- تنشأ بمجلس القضاء الأعلى هيئة للتفتيش القضائي على أعمال أعضاء السلطة القضائية وتقييم أدائهم.
ب- تتبع هيئة التفتيش القضائي رئيس مجلس القضاء الأعلى وتخضع لإشرافه.
ج- تتألف هيئة التفتيش القضائي من رئيس ونائبين أحدهما لشئون القضاة والثاني لشئون أعضاء النيابة وعدد كافٍ من القضاة وأعضاء النيابة العامة.
د- يكون في الهيئة قطاعان أحدهما مختص بالتفتيش على أعمال القضاة من درجة رئيس محكمة استئناف فما دون والآخر مختص بالتفتيش على أعمال أعضاء النيابة العامة من درجة محامي عام (ب) فما دون.
ه- يرأس كل قطاع من القطاعين نائب من نائبي رئيس الهيئة يساعده عدد من أعضاء الهيئة.
و- يتم اختيار رئيس الهيئة ونائبيه من بين القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين لا تقل درجتهم عن قاضي محكمة عليا أو محامي عام (أ) ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى وبناءً على عرض رئيس المجلس.
ز- يتم اختيار أعضاء الهيئة من بين القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين لا تقل درجتهم عن قاضي محكمة استئناف أو رئيس نيابة عامة (أ) ويصدر بندبهم قرار من رئيس مجلس القضاء الأعلى بعد موافقة المجلس لمدة سنتين قابلة للتجديد لمرة أخرى فقط.
مادة (94) تختص هيئة التفتيش القضائي بما يلي:
أ- التفتيش على أعمال القضاة وأعضاء النيابة العامة تفتيشاً دورياً ومفاجئاً وذلك لجمع البيانات التي تؤدي إلى معرفة درجة كفاءتهم ومدى حرصهم على أداء وظائفهم وإعداد البيانات اللازمة عنهم طبقاً لذلك لعرضها على مجلس القضاء الأعلى عند النظر في الحركة القضائية وفي غير ذلك من الأحوال.
ب- تلقي الشكاوى التي تقدم ضد القضاة وأعضاء النيابة العامة واتخاذ ما يلزم بشأنها وفقاً للائحة التفتيش القضائي.
ج- مراقبه سير العمل في المحاكم والنيابات وتقديم ما تراه من مقترحات في هذا الشأن لمجلس القضاء الأعلى.
د- الاختصاصات الأخرى التي ينص عليها القانون .
وفي الأخير :
نؤكد على اهمية دور السلطة القضائية في حماية حقوق وحريات المواطنين بحياد واستقلال كامل وردع المنتهكين والمتجاوزين والمقصرين بمطرقة العدالة التي يستوجب ان تكون سريعة وعادلة لان العدالة المتأخرة ظلم ..
الجميع يشكو من تأخر وتباطؤ القضاء في نظر والبت في القضايا المنظورة امامه وتستمر القضايا سنوات طويله دون الفصل فيها ربما يعود ذلك الى ضعف التدريب والتأهيل المستمر لمنتسبي القضاء لتسريع اجراءات نظر والفصل في القضايا التي ينحصر دور القضاء في نظر مايعرض عليه من دعاوى وادلة اثبات ونفي ليتم اصدار الاحكام فيها بسرعة ودون أي تأخير من العجيب ان تستمر قضايا منظورة امام القضاء وهي واضحة وثابته بمستندات ووثائق واتفاقيات تصالح وتدخل دوامة القضاء لسنوات رغم ان البت يستلزم ان يكون سريع وناجز لكي تردع من يتملص عن التزاماته القانونية ..
ونختتم دراستنا القانونية الموجزة بتوصيات لتفعيل دور القضاء في حماية حقوق الانسان وحرياته نوجزها في التالي :
1- يستلزم اعادة تقييم دور السلطة القضائية بجميع اجهزتها من اول خطوات عملها وحتى اخر خطوة والسعي لتقليص الفترة الزمنية بين كل اجراء وآخر لتحقيق العدالة الناجزة منذ اول خطوات استلام الدعوى من المواطنين والذي يستلزم استيفاء وثائق ومستندات اثباتها لتكون الدعوى واضحة للقاضي وللطرف الاخر لتكون اجراءات نظر القضية اكثر وضوحاً للجميع والبت فيها سريع ..
2- يستلزم تحديد فترة زمنية للنظر والفصل في جميع القضايا امام القضاء وفق جدول زمني محدد يلتزم الجميع به دون أي تجاوز ودون فترات مفتوحه لانهاية لها بحيث يعرف اطراف القضايا عند بداية رفع دعواهم امام القضاء متى ستنتهي اجراءات قضاياهم ويعرف القاضي الفترة المحصور فيها للبت في قضايا المواطنين ويلتزم الجميع بها ..
لا يلجأ المظلومين للقضاء ليستمروا اعوام وعقود للمطالبة بحقوقهم المشروعة يلجأون ليحصلوا على حقوقهم بسرعة وانصاف فالعدالة المتأخرة ظلم ايضاً ويستوجب اتخاذ الاجراءات اللازمة لتسريع اجراءات نظر البت والفصل في القضايا المنظورة امام القضاء وتزمين فترات التقاضي معالجة معقوله للجميع ..
3- يستلزم اعادة النظر في جميع العقبات والعراقيل التي تعترض حق المواطنين في اللجوء الى القضاء وفي مقدمتها وجوبية الغاء قانون الرسوم القضائية النسبية الذي يعجز الكثير من المظلومين عن اللجوء للقضاء بسبب عدم قدرتهم على دفع الرسوم القضائية النسبية الباهظة يستوجب الغاء القانون واعادتها لما كان سابقاً رسوم رمزية ثابته والغاء النسبية ..
4- يستلزم تفعيل دور هيئة التفتيش القضائي للرقابة المستمرة على اداء منتسبي القضاء واستقبال شكاوى المواطنين والبت فيها بسرعة دون تباطؤ او تأخير ..
5- تفعيل تنفيذ الاحكام القضائية وفقا للقانون دون تجاوز ولا تقصير ..
6- تفعيل دور ادارة الاعلام في مجلس القضاء الاعلى لتوضيح ما يتم اثارته في وسائل الاعلام من شكاوى او قضايا وتوضيح الاجراءات المتخذة فيها وتوضيح أي سوء فهم او لبس والترحيب باي نقد بناء ..