القرارات المتسرعة وغير المدروسة تؤدي غالباً إلى نتائج عكسية وكارثية..وهذا ينطبق على قرار قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بمنع دخول القات إلى عدن وإغلاق أسواق القات قبيل أيام قلائل بهدف منع تزاحم المواطنين وحمايتهم من الإصابة بفيروس كورونا المستجد..وقد استبشرنا خيراً في أن يُطبق هذا القرار بشكل صارم خلال المدة الزمنية المحددة، أسوة بقرار محافظ حضرموت الذي قضى منع بيع وتناول القات بشكل نهائي..لكن يا فرحة ما تمت.. وللأسف سرعان ما تم التراجع عن ذلك القرار بسرعة عجيبة واستبداله بقرار أكثر غرابة حيث قضى بعدم اعتراض دخول القات إلى عدن... أما وجه الغرابة والعجب فهو النص الذي يقضي بمنع بيعه في الاسواق الرئيسية، والتوجيه لمراكز الشرطة لتتحمل مسئوليتها لمنع التجمعات في أسواق القات احترازاً لمنع تفشي الفيروس وعلى ادارات الأمن التنسيق مع الوحدات العسكرية لدعمها بالقوة لوقف اي محاولة لبيع القات في الاسواق الرئسية وضبط المخالفين.. لقد أظهر تطبيق القرار مساوئه الكبيرة ومخاطره الأكبر حينما تحولت الأحياء السكنية المجاورة لأسواق القات، كما هو الحال في سوق المنصورة، إلى أسواق بديلة لبيع القات حيث تتزاحم فيها سيارات بيع القات وحولها حشود الناس في وضع لم تشهده تلك الأحياء من قبل، وبدلاً من معانات الساكنين من مساوئ سوق القات المجاور انتقلت المعاناة والتزاحم إلى داخل الحي وإلى أبواب المساكن.. وأصبح التزاحم مصدر ازعاج لا يشعر به إلا من يعاني منه من سكان الحي، ناهيك أن الخطر المحتمل الذي حذر منه القرار العجيب الذي يتهدد زبائن سوق القات والباعة جراء تزاحمهم برغبتهم وبإرادتهم ، فإن دائرة مخاطره قد توسعت أكثر وسيكون ضحاياه قبل كل شيء هم الساكنون وعائلاتهم الذين يعانون الآن الأمرين من الازعاج والفوضى التي وصلت إلى عقر دارهم، فكيف سيكون حالهم مع جائحة كورونا وهم في مثل هذا الوضع الذي لا يسر.. أعيدوا النظر بهذا القرار المتسرع وأمامكم تجربة حضرموت التي بدأت في العام الماضي بإخراج الأسواق من الأحياء السكنية إلى أماكن بعيدة عن شوارع العاصمة المكلا، ثم جاء قرار المنع النهائي لبيعه وتعاطيه.. ابدأوا بإخراج الخطر الذي تمثله أسواق القات من الأحياء السكنية إلى ضواحي عدن بعيداً عن الأحياء السكنية بكثافتها السكانية، وسيكون لمثل هذا القرار فوائده المرجوة سواء في تجنب الأحياء السكنية مخاطر القات والتزاحم الشديد الذي يقلق الساكنين، أو في تفكير كثيرين من مدمني القات بالامتناع عن تعاطيه لبعد مراكز بيعه عن مساكنهم، وهو الدرس الذي قدمته المكلاوحضرموت الخير..وعلينا أن نتعلم منه.. اللهم إني بلغت ..