كارثة سيولعدن بالأمس وأمطارها أظهرت أن كل المعسكرات والأحزمة الأمنية التي يخصص لها ميزانية ضخمة جدا بشكل شهري لم تفيد المدينة بأي شي بالأمس . لم نسمع وقت وقوع الكارثة أن الجيش والأحزمة الأمنية نزلت إلى الشوراع بشكل طارئ وانقذت المواطنين وشكلوا فرق إنقاذ كما يحدث في كل دول العالم عندما وقت الطواري والكوارث يتحرك الجيش لإنقاذ المدنية والمواطنين وممتلكاتهم . سمعنا ووجدنا أبناء عدن البسطاء والمحبين لها هم من تحملوا لوحدهم عناء الإنقاذ للمدنية كما أنهم كانوا أكبر المتضررين من جراء تلك الأمطار والسيول . عسكرة الدولة والنظرة التقليدية لمفهوم الأمن والجيش بمعنى استخدام العنف فقط هو مفهوم خاطئ لمهمة الجيش والأمن في بناء الدول والتي هي اكبر مصيبة نعيشها منذ عقود في اليمن وما زلنا مستمرين في تكرارها . حتى اليوم ورغم قيام ثورة ومطالب تغيير إلا أننا لم نستطع أن نحدث ثورة وتغيير في مفهوم الأمن والجيش رغم الميزانية الضخمة التي تقدم للجيش والأمن والتي منذ ايام نظام صالح وما زالت هي أكثر من ميزانية القطاعات المدنية مكتملة وهذه مصيبة بحد ذاتها ودليل على أن الفكر الاستراتيجي العسكري والأمني ما يزال بعيدا عنا تماما . يجب أن تتغير نظرتنا للجيش والأمن من مفهوم احتكار القوة والعنف فقط إلى المشاركة في عملية التنمية والبناء بمفهومها الواسع اقتصاديا وصحيا وبيئيا في كل دول العالم في أوقات الكوارث تسهم المؤسسة العسكرية والأمنية في المساعدات الاجتماعية والاسكانية والصحية . لانهم تأهلوا وتدربوا على أنهم جزء من عملية تنمية وحماية البلد في مفهومها الشامل للأمن والحماية وعندما نعود إلى واقعنا وما لامسناه في التعاطي مع كوارث البلد الأخيرة في جميع المحافظات وخاصة عدن بالأمس نلاحظ أن هناك فجوة كبيرة في النضج السياسي لمهمة الجيش والأمن التي يجب أن تتجه إلى ضرورة إسهام الجيش في عملية التنمية والبناء والحماية للمجتمع بمفهومها الشامل والمشاركة في كافة مهام الأمن التي تحتاجها الدولة بما فيها الأمن الغذائي . نريد أن نرى جيش وأحزمة أمنية تشارك في بناء المستشفيات الميدانية لمواجهة كورونا . نريد أن نرى جيش وأحزمة أمنية تشارك في فرق الإنقاذ للمواطنين من كوارث السيول .. نريد جيش وأحزمة أمنية تنزل الشوارع وتفتح الطرق وتعيد سيارات المواطنين التي جرفها السيل وتعمل على ايصال المتضررين من المواطنين إلى منازلهم وتساعد في التواصل مع كافة مؤسسات الإغاثة لإنقاذ هؤلاء المواطنين . يجب أن تتغير نظرتنا لمفهوم الدولة ومفهوم الجيش والأمن ومفهوم الدولة وواجباتها ويجب أن ترتفع أصواتنا عاليا بتخفيض ميزانية وزارة الدفاع وأولوية مكافحة الفساد الموجود بداخلها لصالح دعم ميزانية التعليم والصحة والمؤسسات المدنية وبغير ذلك لن يكون هناك أي قيمة لمفهوم التغيير الذي ناضلنا لأجله .