رحل والدي الفقيد المناضل سالم منصور دعوس الجعدني بلغة الأوفياء وودعنا بصمود وشموخ الكبرياء بعد أن عاش حياته بكفاح ونضال وتاريخ مشرف للأجيال القادمة.. مات أبي وماتت معه الأفراح التي منحنا إياها طوال حياتنا.. وجف بحر العطاء الذي كنا نستقي منه كؤوس السعادة وتساقطت أوراق شجرة الأمان الوارفة الظلال التي كانت تظلنا بأمنها وأمانها من مصائب الدهر وظروف الزمان.. فقدنا الرداء الذي كان يدفئنا بالعطف والرحمة.. أبي الذي كان يبث فينا روح الحماس ويعطينا الدافع بجمال الحياة ورونقها البديع . أن الحزن العميق والدموع الساخنه لن تخفف من هول الصدمة التي فاجئت الأهل والأصدقاء ومن الأوساط الشعبية والثقافية الواسعة التي تحترم أبي وتحبه لما يتمتع به من أخلاق نادرة وتقدر طيبة قلبه وكرمه وتواضعه المثالي ومبادرته لتقديم المساعدة قبل طلبها. أبي لقد بكى وحزن وتألم ألما شديدا كل من سمع بنبأ وفاتك كانت الدموع قد خانت البعض منهم والبعض الآخر حاول حبس أحزانه لكنها كانت بادية على ملامحه.. لقد كانت شهادة الناس واحدة أنه رحمه الله لم يخطئ على أحد ولم يعتدي ويظلم أحداً ويأخذ ما ليس له ولم يسمع انه في يوم من الأيام انه اشتكى منه أحد .. كان رحمه الله إنسانا مخلصا كريما عزيزا وأبا ناجحا ومربيا فاضلا حكيما وحازما في كل أموره وتصرفاته وصادقا مع نفسه والآخرين عرف بالمواقف المشرفة.. عاش حياته شريفا ومات بكل الفخر والاعتزاز شريفا نقيا.. كان لنا رحمه الله الموجه والمربي والراعي الأمين المسؤول عن رعيته.. دائما ما يوصينا بالاحترام والتواضع والتكاتف وأن نخالق الناس بالخلق الحسن.. صارت حياتنا ناقصة بدونك. أبي أنت الاحترام والتعاون والتواصل والأخلاق التي عرفك بها الناس فكنت (القدوة في مضرب المثل) أبي والله كنت الأمل الجميل بجمال الحياة وبهجتها والصورة المشرقة بسعادتنا فيها.. كنت الينبوع العذب الذي يروينا إذا ظمئنا والمعطف الهنيء الذي يدفئنا إذا بردنا والنور الذي يضيء لنا دروب الحقيقة.. واجهت الحياة بقوة الرجال وتحديت الأيام بصمود الجبال فكنت الغالب بتوفيق الله وصدق توكلك عليه تركتنا ونحن نبك على فراقك من على هذه الدنيا بكل تأكيد كنا نبك كان كل من عرفك وعرفنا.. يشهد لك بحسن تربيتك لنا وحرصك على صلاحنا ونجاحنا. أبي عليك رحمة الله أجد التعبير يخونني والتفكير يحاصرني.. بل وأعجز أن أنقل عنك الصورة الزاهية ذات الألوان الحقيقية.. سامحني يا أبي أرجوك فالموقف أصعب مما كنت أتصوره.. أرجوك يا أبي أن تثق أننا بعدك يدا واحدة وصفا واحد نبقى على ما تركتنا عليه من أخوة وترابط وتراحم ونعدك بالمحافظة على مكانتك العالية وسمعتك الطيبة التي هي خير ما أورثته لنا بعد مماتك وهي الوصية التي كررها الناس ورددوها في أكثر من مناسبة. أبي أننا على طريقك سائرون فلك منا الدعاء الصادق بأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة وأن يفتح لك باباً من أبوابها وأن يجمعنا بك في مستقر رحمته من جميع أهلنا وذوينا إنه قريب مجيب الدعوات. رحمك الله يا والدي الحبيب كم كنت عظيماً رحوماً كريماً وكل الصفات الحسنة كانت عنوانك في حياتك ومماتك.. فنم يا أبي قرير العين وإلى الملتقى في جنة الخلد بإذن الله.