لن ينام حتى يطمئن على رعاياه فردًا فردا، ولن يحابي أحدًا على أحد. سيحملنا في كرشه بدلًا من ثروات هذا البلد، ويرضعنا بترولًا وغازًا كي لا نضطر للنوم واقفين في محطاتها. لو امتلك الرئيس قلب أمي لفقد اتزانه في ليلةٍ عاصفة، سيخرج من قصره الفخم يلتمس شعبهُ المشرد في الأنفاق وتحت الجسور وخلف الخيام. سيجن جنونه أثناء اطلاعه على إحصائيات وزارة الصحة ولن تقر له عينٌ حتى ينتزع الألم من عروق أجسادنا. آهٌ لو كنت جرّاحةً شهيرة؛ سأنتزع قلوب القادة -من صدورهم -بيدي وأستبدلها بقلوب الأمهات. بعدها لن يبتعثوا أبناءهم للدراسة في أعرق الجامعات العالمية على حساب المتفوقين من أبناء الفقراء. سيمدون أيديهم لانتشال المبدعين من واقعهم المرير، ويوجهون بدعمهم بالإمكانيات كي ينهضوا بنا أكثر. سيعاقبون المرتشين خلف الكراسي الدوارة بمجرد أن يزيحوا اسمًا مركونًا لسنين ويعلنوا خريجًا حديثًا في قائمة التوظيف. ربما يعتمدون فيتامين "ح" ، ويلغون فيتامين "و" من قانون المعاملات ؛ لتتحول تلقائيًا كلمة الاندهاش المرفهة " وااااوو" إلى كلمةٍ تعلو علو الحق حين يأخذه أصحابه. لماذا لم تمنح قادتنا قلب أمي ياالله؟!. أعرف أن الله قادرٌ على خلقٍ لانهائيٍّ لقلبٍ كبيرٍ كقلب أم. ماذا ستفعل الأمهات بقلب كهذا دون سلطة ؟!. وماجدوى قرار رجلٍ ينبض في صدره حجر؟. شعبه يموت جوعًا كل يوم، ويفنى مرضًا كل ساعة، ويقفز من أسوار المدارس بين كل حصةٍ وحصة. يحكم شبابًا بعمر الزهور في الحدود يترقب مصابيح الحرس، يجوع منبوذًا في ليالٍ مقفرات، يجري ثم يجري ثم يهرع هاربًا من وطنه ليقع في سجون الجوار ثم يعود دون أذنٍ أو إصبعٍ ذليلًا، خائفًا، يائسًا، تطعنه كلمات أيوب وهو يأمر سكان الحارة " رشوا عطور الكاذية على العروس الغالية.. " من سماعةٍ مقرها بيت حبيبته في زواجها من رجلٍ ثري. لن يهدأ له بال حتى ننام بأمان دون قذائفٍ أو رصاصات تقلق نومنا، ولن تهضم معدته لقمةً سائغةً ونحن نسجل ضمن أهدافنا دجاجةً بمرق نستبغ بها لآخر الشهر. ياللهول إن أصبحت رئيستنا أم!!. لن تصرف الميزانيات على فنادق سبع نجوم فالأمهات يعجبهن الاستقرار في ظل رجلٍ ولو بخيمة. ولن تحتاج الرئيسة آلافٍ من ربطات العنق الفخمة، وأزرار الجاكيت المذهّبة، بل ستحاول الظهور بعباءةٍ وحجاب كأمها أروى الصليحي ، وستخفف المكياج كبروتوكولٍ فرضته إليزابيث المملكة المتحدة. سيتأنق الشعب في ظل امرأة، ويتنافس -بإنجازه- لخطبة ودّها. المرأة تخاف الله أكثر من الرجل غالبًا، هي حنونة ومسؤولة، وستجعل الوطن ابنها الأغلى على قلبها. النساء يعجبهن الاختلاف، سيمارس الجميع معتقده ونشاطه بحرية ويلتقي الجميع في نهرٍ يصب لمصلحة الوطن. الرئيسة القادمة لن تستعين بالدخيل على الدخيل، في أسوأ الأحوال ستسلم الراية لقويٍّ أمين وتنكفئ على نفسها بالعويل. لن تختبئ من شعبها، ستسعى لأن يعرفها الجميع، ويشكو لها، ويسبها، ويلعنها، ويشكرها، ويقدسها، وهي بهذا تنحت مكانتها المنشودة في مجتمعٍ ذكوري لايدرك للمرأة سبيلًا غير الفراش أوالمطبخ. من هنا.. أتمنى لو نبض قلب أمي في صدر كل قائد. ربما يتحول- ساعتها - من قوّاد إلى قائدٍ حقيقي . بعد_فوات_البوح