لا أقول سؤال ذكي أو شائك أو يبحث عن إجابة من أفواه المعنيين في بلد الأتراح والأحزان والمصائب المتتالية والنكبات النازلة.. ولكن هو سؤال يبحث عن إجابة تائهة ضائعة من أناس كلٌ منهم يتهرب من مسؤولياته ويرمي باللائمة على الآخرين بغباء منقطع النظير واستحمار لامثيل له.. من المسؤول عن ماذا...؟ الكثير والكثير من التساؤلات التائهة تبحث بين تلابيب السادة الكرام ذوي الكروش المتدلية والجيوب الممتلئة والأرصدة الفائضة عن حال كل الأحوال التي تداعت للانهيار بل المنهارة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. من المسؤول عن تدهور الأوضاع وضياع البلاد وانهيار الاقتصاد وانتحار العملة وسقوطها للحضيض بعد أن كانت محفوظة الماء واللبن؟ من المسؤول عن وطن يئن تحت وطأة الحرب وأزيز المدافع ولعلعة الرصاص وأصوات الطائرات..؟ من المسؤول عن الأرواح التي تُزهق،والأجساد التي تُمزق، وعن الأشلاء المتناثرة على أرصفة الطرقات وساحات الصراعات وميادين الأزمات وتصفية الحسابات..؟ من المسؤول عن ترمل النساء وتيتيم الأطفال وأنين الأمهات ووجع الأباء وقتل الأحلام (بكسرة) خبز يابسة في مهدها، وشربة ماء من جوف الأرض المتخمة بالدماء..؟ من المسؤول عن إهانة من لايبحثون عن جاه أو سلطان أو مناصب أو كراسي (حلاق)،ولا عن سيارات فارهة أو مبانٍ سامقة أو رحلات ترفيهية من دولة لأخرى..؟ من المسؤول عن توقف ذلك (الفتات) من الريالات البائسة الهزيلة التي لاتجاري جنون الأسعار وجشع التجار والغلاء الفاحش الذي التهم كل شيء فلم يبق ولم يذر وأحرق الأخضر واليابس..؟ من المسؤول عن صرخات الاستغاثة التي يطلقها الباحثون عن (مرتباتهم) كلما اعتصر الجوع أحشاءهم، وعصفت الحاجة (بمنازلهم) وأقضت (الديون) مضاجعهم..؟ من المسؤول عن إذكاء نار الحروب وتأجيج صراع المناطقية بين الأفراد والجماعات والمناطق والمحافظات، وتفشي ظاهرة أنت من ؟ ونحن من؟ من المسؤول عن القتل الصامت والخوف المتزايد والأمراض والأوبئة والفساد المستشري والسلب والنهب تحت مظلة الوطنية والهوية والدفاع عن الدولة العميقة..؟ من المسؤول...؟ أنتم .. أم هم..؟ أجيبوا ... ستلاحقكم اللعنات وستحل بكم الدعوات وستهز عروشكم الصرخات...فمهما طال أمد الليل فلابد له أن ينجلي... لم تُرفع الجلسة بعد..