منذ أن كان عمرها خمس سنوات وهي تعيش مع "الفتيات الخارقات" و "سيندرلا الطيبة المتسامحة" و" اليدي أوسكار الفتاة الثائرة " وإيملي؛ الفتاة الكاتبة " والمغامرات... تكبر هذه الفتاة؛ فلا تتناسب أفلام الأنمي معها سيكلوجيا، فتشاهد: المرأة المصرية المناهضة لعادات الصعيد، والمرأة الهندية المقاتلة ضد الاستعمار، والأمريكية المتحررة من نظام الأسرة، والتركية التي وصلت الحكم بالدهاء. تقرأ في دينها؛ خولة بنت الأزور، مريم العذراء، عائشة أم المؤمنين، ذات النطاقين، شفاء بنت عبدالله، وفاطمة الزهراء، وملكة سبأ، وماشطة فرعون، وابنت عمران، وأخت هارون. ترسم هذه الديباجة شخصية الفتاة لتصنع لنفسها حلمًا كبيرًا، فتقنع أهلها بمواصلة التعليم؛ تدخل الجامعة فتجد الكثير من الشباب الطيبين، الرقيقين، المرفقين بالقوارير، الذائبين كالسكاكر أمام وخلف مشيتها، فتعيش حياة مليئة بالمعاناة، الظلم المجتمعي من الطبقة الأرقى؛ دكتورها يراودها بالعلامات، وزميلها يستميلها بالكلام المعسل، وسائق الباص يعطيها ابتسامات زائدة، وحارس البوابة يفسح لها الطريق لتشعر بالأمان وهي تقود نفسها للهدف؛ هذا الواقع مغاير لما رأته في الشاشات، وأخبرها الدين والتأريخ عنه. إن الأنثى في مجتمعي عندما تريد أن تصل لأحلامها، كأنها تمر على صراط حاد، أملس، ممدود من باب منزلها إلى الجهة الأخرى "الحلم" تحته جيوش من الرماه، بكامل استعدادهم لاصطيادهنّ، ورميهنّ بالسهام الممزوجة بلعنة العار. فمنهن من تسقطها السهام إلى الأسفل، ومنهنّ من يصلنّ مثخنات بالجراح، ومنهنّ من يصلنّ برداء ممزق، وجسم سليم، تحيط العناية القليل منهنّ فيصلنّ سالمات معافات؛ وأكثر حذقا وذكاءً، لكن لعنة العار التي أصابت زميلاتهنّ؛ تضل تلاحقهنّ لتصبهنّ لعنة العزوبية حتى يذبل جمالهنّ. لأن تلك الجيوش الذكورية التي أطلقت السهام؛ واثقة كل الثقة بقدرة سهامها، التي لا تخطئ هدفها مهما كان بعيدا.. لهذا فإن الفتاة التي عبرت طريق الحلم المعروف مجروحة، ومصابة، وقد تذكرها تلك الآثار بفاعلها؛ فتنقاد إليه. هذه هي المأساة الحقيقية التي تعاني منها الفتيات، في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، خصوصا اليمن، وإلا لماذا يذهب أغلب الشباب للبحث عن شريكة حياة لم تمر على هدف الرماة؟