كل الأشياء وصلتني متأخرة إلا الحزن فانه جاءني قبل أوانه وتأخر في الرحيل كثيراً..البعض يتسلل إلى جسدك كالمرض والبعض الآخر يتسلل إلى عالمك كالموت البطيء وأنا حمى فراقك لا تفارقني وعبثاً أتناول أدويتهم يخادعوني بالمسكنات ويا لغبائهم تضحكني وصفاتهم الطبية. مريضة أنا بك وكل عقاقير الحمى لا تشفيني فأطرافي ترتعش ضعفا وقلبي يتنفس غيابك وهنا على وهن وأناملي تتصلب عند الحنين, كالخشب تتجمد كقطع ثلجية. مريضة أنا بك وعيناي تنطفئان كأخر خيوط النهار وأنفاسي تضيق بأنفاسي وشعري الذي ربيته صغيرا يتساقط بين يدي كأوراق خريفية. مريضة أنا بك وألمح الوجود ينصهر كالماء والأرض تلتصق بالسماء والكائنات سكارى وكأن الكون بأكمله يموت بعيني موته جماعية..مريضة أنا بك وكلما أغمضت عيني رأيت وجهك الحبيب في اسوداد اغمضاضتي يطاردني في أحلامي يخنقني بعجزي ويقلق مناماتي الليلية. مريضة أنا بك وكلما وقفت أمام المرأة لا أعرفني..أطفئاني الحزن كثيرا لونني غيابك بالاصفرار وعبث فراقك بأوردتي الدموية ...
مريضة أنا بك وكلما تلفت حولي بحثا عنك في الوجوه المحيطة بي عل معجزة ما تدخلك غرفتي او تسكبك علي كرحمة سماوية...مريضة أنا بك وكلما فتحت عيني تحسست مكانك بجانبي..فلا ألامس إلا الفراغ وأتحسس مكانك بقلبي فلا أصافح إلا جروحا طرية..مريضة أنا بك وكلما أنتحب بي الحنين إليك أطالع صورتك فأعيش عليها كوجبة غذائية..مريضة أنا بك ولا أقوى اقترابك أكثر لأني أخافك ..أخاف فراقك أو ربما لأني أعشقك حتى الجنون..أعشقك حتى التعب..مريضة أنا بك وحضني الدافئ يلامس فراغاً شاسعاً يعبث فيني...فعد إليه..
ما أوجع غيابك..وما أوجع حضورك..المتقطع..وما أوجعني هذا المساء ..وكل مساء ..هل عرفت يوما معنى إنهزام الروح..تشظي القلب..لوعة الجسد..!! هل عرفت يوما أن تضيع في الحياة..وتبحث عن ابجدياتك فيها دون جدوى..هل عرفت يوما معنى الإنهزام ..والإنكسار وأنت في عز إنتصارك..يا له من ألم..!! وما أبشعه من إنهزام!!!..