عند الأزمات تشتد الحاجة لوجود الرجال الحقيقيين، وفي حالة الأزمات تكتشف معادن الرجال حين يفضي كل رجل إلى معدنه الخالص، كما هو الحال مع أبطال جبهة كرش الذين يسطرون بصمودهم وثباتهم الأسطوري أروع الملاحم البطولية، لسان حالهم يقول: لن ندرك مرتبة الإباء حتى نقول : "لا" لجميع الإغراءات، فالرأس المرفوع بشمم يتطلب نفساً عالية الإباء. ففي حين تتحول مرتباتهم الشهرية التي هي بمثابة محصلة جهودهم الجبارة التي يبذلونها إلى ورقة سياسية وأداة ضغط تستخدمها أطراف دنيئة لغرض النيل من ثباتهم وصمودهم، وكذا تمرير مشاريعهم العدوانية الضيقة، ناهيك عن الإهمال الواضح للعيان الذي يواجه به أبطال جبهة كرش يتشبث أبطالنا بالصبر المتجذر في نفوسهم، مدركين خطورة المرحلة، فيزدادوا بذلك عزيمة وإصرار. وهاهم اليوم يستقبلون عيد الأضحى المبارك وبعد انقطاع للمرتب طال انتظاره دام لعدة أشهر، تغتالهم الحيرة من أمر هذا المرتب فما هي الوجهة التي سيوجهون بها مرتب شهرين فقط من أصل أربعة أشهر أو يزيد؟ هل لسداد تلك الديون المتاركمة؟ أم كيف يسيرونه في قضاء حوائجهم الضرورية مع ارتفاع الأسعار وتدهور العملة المحلية؟ وما الذي سيدخرونه لقادم الأيام احترازاً عند الحاجة؟ لتذهب مع تلك الحيرة لذة العيد التي لطالما تفاءلوا بها في منتصف ليل سرمدي قهروا فيها ألف عدو يتربص بأحلامهم وأمنياتهم و وطنهم الخالد. إن جبهة كرش الحدودية لا تقل أهمية عن باقي جبهات السهل والساحل، فهي تعد البوابة الشمالية للعاصمة عدن وهي بوابة النصر الأول والآخر، يجابهون نفس العدو الذي تُدفع ملايين الريالات السعودي لمجابهة في الساحل، بل نُكل به أيما تنكيل، والتحف الذل، والهوان، والدونية، والتقهقر مع أبطال قواتنا في كرش الحدودية واسألوا بذلك جبال الشريجة ومعالم البطولة التي اجترحها رجالنا مع الأعداء. إن ما يحز في النفس هي تلك المفارقة العقيمة التي تتعامل بها دول التحالف بين جبهات القتال التي تخوض غماراً مع نفس العدو، ففي الوقت الذي تزخر فيه جبهات الساحل من المؤن تفتر فيه جبهة كرش المحورية إلى أبسط المقومات المادية مع الأسف الشديد! وكذلك مرتبات أفراد الساحل الغربي وطارق و..و..و..والتي يدفعها التحالف وفي مفارقة اعتبارية جبانة تستثنى منها جبهة كرش. مع ذلك تبقى العزيمة والإصرار ذخر رجالنا الأبطال، والشجاعة صفة تلازمهم بكل المراحل البطولية، فليست الشجاعة فضيلة من الفضائل التي يمتلكونها بل هي الشكل الذي ترتديه كل فضيلة عندما يتعرضون للإمتحان.