جاء اعتراف قادة دولة الإمارات العربية المتحدة بالكيان الصهيوني متوقعاً وإن استغرب البعض واندهش وتفاجأ لتوقيته,لكن كل الدلالات منذ قرابة20 عاماً كانت تؤشر الى قرب ذلك من خلال العلاقات الاقتصادية وزيارات السياسيين الصهاينة وزيارات الفرق الرياضية وتكرار الزيارات الرسمية لبعض وزراء الكيان الصهيوني لاحقاً وماسمي بالعلاقات التكنولوجية والعلمية واخيراً هبوط طائرة إماراتية في أول رحلة رسمية بتاريخ 19 مايو 2020م تحمل معدات طبية بحجة مكافحة الجائحة كورونا, لكن الفلسطينيين أبت عليهم كرامتهم استخدام هذه الحجة القذرة للتطبيع علناً مع الكيان الصهيونية تحت ذريعة مساعدات طبية لمكافحة جائحة كورونا. وتاريخ 13 -اغسطس 2020م أعلن ترامب عن تطبيع رسمي بين الكيان الصهيوني والامارات العربية ووصفه نتنياهو باليوم التاريخي وقال بان ما اتفقنا عليه هو سلام مقابل سلام أي تنكر واضح وصفعة قوية لدول الخليج التي تبنت ماسمي بالمبادرة العربية في مؤتمر القمة العربية ببيروت عام 2002م التي نصت على مبدأ الأرض مقابل السلام , ووصف الاتفاق بيان القيادة الفلسطينية بالطعنة الغادرة في الظهر الفلسطيني وقال سفير أمريكا لدى الكيان الصهيوني بان الاتفاق يعني وقف مؤقت للضم . وهي بالفعل كذلك منذ مدة وليس للإمارات أي فضل في ذلك بحسب ما تدعي بل ان الصراع داخل الكيان الصهيوني هو من علق الضم وهذه حقيقة يحاولوا تسويقها بطرق مخادعة كي تنطلي على المواطنين العرب وهي حيلة امريكية- صهيونية للتوطئة ولتشجيع بقية الدول العربية والإسلامية لتلحق بقطار التطبيع على الرغم من ان دول العالم بدأت تدرس فرض عقوبات على الكيان الصهيوني في حالة مضى في سياسة الضم . السؤال هو التوقيت والدلالة لهذا الإجراء الغادر بنظر الفلسطينيين على الأقل.وماذا ستجني الامارات من هذا الإجراء المجاني؟ وماهي الضمانات التي حصلت عليها لصالح الفلسطينيين كما تدعي؟على الرغم من أن كل المؤشرات تدل على ان القيادة الصهيونية مصممة على الضم وانها مسألة موقف لا مساومة عليه, وان ما أخرهم هو بسبب الصراع الداخلي وعدم رغبة نتنياهو كما يدعي في إغضاب المتصهين ترامب في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها ووضعه الداخلي والخارجي المتدهور على كافة الصعد مما جعلة يتوسل مواقف ويسعى بكافة السبل لتحقيق انتصارات وهمية لتسعفه في إعادة انتخابه لولاية ثانية. وعلى نفس الصعيد يعيش نتنياهو فصول واقع مماثل حيث تهدده المحاكم وتتزايد وتتسع المعارضة الشعبية والاحتجاجات المستمرة لارغامه على ترك السلطة. إذاً على ضوء ما تقدم ما هي الضمانات التي يملكها قادة الامارات لصالح الموقف العربي وتحديداً لصالح الشعب الفلسطيني في ظل اعتراف ترامب بالقدس عاصمة واعلانه عن صفقة القرن التي تقضي على كل مطالب الفلسطينيين المشروعة والتي تعترف بها الأممالمتحدة وتتعاطف معها كل دول العالم بينما تتجرأ بعض قيادة الأنظمة العربية بالتطاول عليها ,ولكي تصل الى غاياتها ,فقد فرضت حصاراً سياسياً واعلامياً ومالياً على الفلسطينيين لأكثر من 14 عاماً حيث قال جبريل الرجوب القيادي في حركة فتح بان الدول العربية لم تعد تفي بالتزاماتها المالية نحو الفلسطينيين ماعدى الجزائر التي ظلت وفيةً لموقفها. إن التطبيع مع كيان صهيوني عنصري مغتصب لا تعني سوى التنازل عن الاقصى والقدس والقضية الفلسطينية برمتها وتغيير في الأولويات ومنها أن يتحول العدو الصهيوني الى صديق . ألم يكن من الأجدر وإنسجاماً مع المنطق بإن يعاد ترميم البيت العربي والإسلامي وإعادة التطبيع مع قطر وتركيا وإيران وهي دول عربية وإسلامية بدلاً من التطبيع مع عدو يقتل اهلك ويغتصب أرضك ويطمع في ثروتك لبناء رفاهية قطعان سكانه المستوردة بينما سيظل يتآمر على بلداننا العربية والاسلامية لتظل ساحة للحروب والفتن وعدم الاستقرار ومنع التنمية وحتى يهيمن الكيان الصهيوني على كل شعوب المنطقة. ان التطبيع لن يشفع للدول المطبعة من وضعها في قائمة ربيع آخر قادم يقتلعها وبمخطط صهيوني -امريكي وان ما يؤخر ذلك هو أولوياتها في المنطقة فقط, وبحسب البرنامج المعد منذ 35عاماً ضمن رؤية المتصهين برنارد لويس والبيت الأبيض لخلق شرق أوسط جديد. وأثبتت كل المراحل الماضية بان هناك مخطط ممنهج ومتفق عليه من قبل أطراف عربية ودولية لتصفية القضية الفلسطينية ولم يعد أمام الشعب الفلسطيني من خيار سوى التمسك بحقه والعودة الى طريق الكفاح المسلح طريقاً وحيداً لفرض قضيته وإنتزاع كافة حقوقه كاملةً غير منقوصة.