الشعارات، الوهم، الأحقاد، الثارات استطاع أبناء أبين من قبل وبالمثل فعل الناس اليوم في شبوة، أن يتجاوزا بدهاء حفلة الجنون التي تجري في أجزاء واسعة من مناطق في جنوباليمن، وأن يعيروا العقل والمنطق شيئاً من الاهتمام والجدية. في آخر الأمر، وبعد شد وجذب، نجح أبناء البداوة والصحراء في قرص أذن التاريخ، والسير عكس ما ظل يروج له طيلة مسيرته. بكثير من الثقة ربت أحفاد الرمال على كتفيه، وقالوا له: ليس ما تقوله كل شيء، ولا يمكن للبشرية أن تظل محبوسة لتكهناتك. هنالك مساحة جيدة من العالم، يمكن لليمنيين البدو أن يغيروا بها المعادلة، وكل التاريخ. ثم وجهوا صرخاتهم في وجه الداخل: لا بديع آخر، عن الدولة اليمنية، ولا مشروع سوى مشروع الوطن الجمهوري الكبير. وإلى الخارج أرسلوا إضافة حاسمة، مفادها أن فلسطين ستبقى القضية العربية الأم، التي لا يمكن نسيانها أو القفز عليها، حيث لا بيع أو متجارة بالقدس والقضايا الكبرى. أبناء البداوة، باتوا أداة أصيلة تحمي الدولة اليمنية من العابثين محلياً، وتذود عنها من دعاة التقسيم إقليمياً. أيها العالم المخرب، لا سبيل إلا اليمن الواحد الفسيح! قبل زمن طويل سعى عفاش وهو في هرم السلطة، لتحويل شبوة إلى مربع يتخم بالدماء والثارات، وصور للعالم أهلها كبربريين عشوائيين يمقتون كل ما له صلة بالنظام والدولة. سجل عفاش رحيلاً حقيراً، وقد داس على الدولة والجمهورية وانقلب عليهما. وبرزت شبوة من وسط الدمار الذي خلفه الرجل كالعنقاء. لتحمي الوطن، وتحرس مؤسسات الدولة. قتل صالح ذليلاً، وعاشت شبوة بشموخ الأرض والتاريخ. لو كُتب لهذا البلد أن يقوم وينهض، فمن شبوة إنما ستكون البداية!