أيام غاب فيها كل شيء،فالألم جاثم على أنقاض الفؤاد،ولغة الصمت تسود المكان،أيام إنقطعت فيها أنفاسي ولم أعد أتقن سوى لغة البكاء،بالغت باأحلامي كثيراً ونسيت أن الأماني تزول تحت أقدام القدر،والعمر حين تسقط أوراقه لن تعود مرّة أخرى ومع كلّ ربيعٍ سوف تنبت أوراق أخرى فدَعك ممّا سقط على الأرض وحدق بكل ما هو آت،تضيق عليك الدنيا فلا أنت بالذي يستطيع أن يكتم ولا يستطيع البوح تخبئ كل ذلك في صدرك وحجرات قلبك لا تستطيع التخلص ولا تستطيع أن تشكي، ولا أنت بالذي يدري كيف يواري جراحه وآلامه مع علمك المسبق بإن نبع عينيك قد فرغ تماماً من ماء الدموع وسُدَّ من فرط الورم الذي يعلو وجهك الأبيض مشكلاً بذلك مشهد البركان الخامل الذي يتدفق من جوف الحمم نتيجة للضغط الهائل الحاصل في باطن الارض..! يا أنا أحذر أن تسقط في بحر إستسلامك للحياة حتى لو أنهمرت الويلات كالمطر من فوق رأسك قف في مكانك حتى وأن قاتلتك الوحدة شيئاً فشيئاً قف مكانك بلا حراك أندب الإطلال وأن بللتك الدموع وتتقاذفك الآلام،وأكل منك الندم،وأن تآمر عليك الصديق ونبذك القريب وقسى عليك أحبهم إلى قلبك وأقربهم إلى نسبك فيا أنا لا تستغرب من كل ذلك ولا تحاول أن ترد النهر إلى مصبّه ولا الشمس إلى مطلعها فحتما ستكون كمن يطحن الطحين وهو مطحون وينشر نشارة الخشب وستردد كان يا ما كان..فيا أنا أن الفرج مع الكرب والإيمان بالقدر يصنع التمكين والطريق إلى الراحة مليء بالأشواك وحسن الظن بالله هو من يكتب مسيرتك في أنصع الصفحات فلا تقلق ولا تيأس ولا تحزن،ف ذاك نبي الله يوسف الصديق ألقى به في الجب وبيع بثمن بخس في سوق الرق ومكث في غياهب السجن دون أن يدرك أحد أن هذه الأحداث جميعها بشدتها وظلامها تهيء رجلا أصيلا في أخلاقه حكيما في رأيه منحته الصبر وصنعت منه شخصا متفردا متميزا أصبح عزيزا لمصر إنها الصفحات القاسية التي تكتب في أوراق حياتك تلك من تصنع منك رجلاً قوي فصبر جميل والله المستعان وقل يارب ليس لها إلا أنت..!