الجار العزيز العميد صالح أحمد السعدي الذي لا يمكن أن أنساه ولن ينساه كل من تعرف عليه عن قرب, ومن يستطيع أن ينسى ذلك الرجل البشوش صاحب الابتسامة المميزة والنكتة الأبينية التي تجعل كل من يستمع إليها مباشرة على لسان الفقيد رحمه الله لابد وأن يتذكر الكلمات الشعبية لمسرحية (التركة) للكاتب المسرحي والأديب الكبير سعيد عولقي لا بل سيجد نفسه أنه يعيش لحظات مسرحية ثانية لا تقل فكاهة وحيوية عن مسرحية التركة, ومثلما يتذكر المشاهد ويردد أدوار الممثلين في المسرحية الأولى فسوف يجد نفسه مرة أخرى يردد أدوار المسرحية الثانية على لسان صالح أحمد رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه. لقد تعرفت على الفقيد منذ العام الأول من سبعينات القرن الماضي واستمرينا جيران وأصبحنا بمثابة أسرة واحدة (البيت بالبيت) كما يقول المثل. أولادي وأولاده شبوا وكبروا, تعلموا وأصبحوا اليوم يشغلون وظائف متعددة, تزوجوا ولديهم العديد من الأطفال. صالح احمد وكما قلت فهو صاحب نكتة التي لا يمكن للانسان ان ينساها على الاطلاق وكلما شعرنا بالملل دائما ما نلتقي عند الفقيد الحاج صالح با قيس رحمة الله في منزله أو على شاطئ ساحل أبين الذي يجعل من كل كلمة يقولها له صالح أحمد بمثابة نكتة قائمة بذاتها يعيش الحاضرون عند سماعها حالة من البهجة والسرور حتى عندما يكونوا في خلوتهم يتذكرونها فيجدون أنفسهم يضحكون مع أنفسهم دون شعور ومن يسمعهم يحتار ماذا حصل ؟ فالرد يكون ولا شي .
في مرة من المرات كذبت عليه أثناء زيارتنا لباقيس وعندما انتقل الحديث حول الجنابي قلت له بان معي جنبية هدية من النوع الأصلي والغالي , وبعد شهر تقريبا من ذلك اللقاء جاءني الفقيد الى البيت طالبا الجنبية لأنه ذاهب الى صنعاء ولا يوجد سلاح معه ليستعيرها ويعيدها بعد عودته .
قلت له الجنبية غالية وثمنها أكثر من سبعين الف , بعد عودته زارني ولكن بدون جنبية , قلت له فين الجنبية ؟ قال : (( يا أخي الفلوس اللي معي خلصت ولاشي معي غير الجنبية , فدخلت بها سوق باب اليمن وعرضتها للبيع , وبدلا من السبعين ألف , عرض المشتري الأول اثني عشر ألف , رفضت , ثم تجولت بها من جديد فكان عرض المشتري الثاني أربعة الاف , فتركته باحثا عن مشتري ثالث فكانت المفاجأة التي جاءت على لسانه والذي قدم ثمنا لها الفين ريال )) قلت له كيف هذا ؟ الجنبية ثمنها سبعين ألف وأبيعها لك بألفين ريال لا يمكن مش معقول , فقال : معي لك جونية من الجنابي واحسن من اللي معك ومستعد أبيع كل واحدة بالفين ريال .
تركته مسرعا باحثا عن المشتري الأول فالثاني دون فائدة فعدت الى المشتري الأخير الذي قال له بادفع لك الف وخمسمائة والا شارع الزبيري قدامك طير من قدامي .
سرد لنا قصته مع الجنبية وباب اليمن في منزل باقيس في خور مكسر فانفجر الجميع في الضحك . الله يرحمك يا بو عبد الله , عامر , ناصر وأحمد , رحمك الله رحمة الأبرار والهم أهل بيتك وأقاربك وأصدقائك الصبر والسلوان أنا لله وأنا اليه راجعون .