لم يتبق منها إلا ظلها المسائي ، تلك الفتاة المعجونة بهموم مدينتها ، تقتات أوجاعها وحروبها وأزماتها الواحدة تلو الأخرى ، مدينتها أصبحت منهكة ومنتهكة أكثر من اللازم كلما حلمت بالنور داهمها تساقطت عليها كسفا من السماء وتلقت طعنات الحقد التي لم تتوان عن اغتيال أرضها وعبقها وإخماد زهوها .. البؤس عمّ المدينة لم تعد الإنسانية تليق ببعض البشر ، والبعض تخلى عن مساعدة من لم يستطع تحمل أعباء الحياة ، تكابد المدينة كل يوم وجع من نوع آخر يفتك بما تبقى من نور ، أحيانا تفكر كيف لتلك القلوب الظالمة أن ترى كل هذا الشقاء في وجوه الكادحين وتجبرهم على تجرعه يوما بعد آخر ، ليأتي الجواب في لحظتها ، كيف لتلك البطون المنتفخة أن ترى الجوعى يتألمون ؟! كيف لتلك الوجوة المغرورة أن تبصر معاناة المحرومين ؟! كيف وكيف وكيف ؟! حين تسخر هي وجميع من في المدينة من أوجاعهم ومن كل مايحصل يوما بعد آخر .. يااااه كم تحلم تلك الفتاة بالنور والسلام .