" أين يقع التسامح؟ انه يقع في الفترة الانتقالية من مطلق الى آخر" جون لوك
الجنوب بين المطلقين: مطلق الماضي، ومطلق المستقبل "الفترة الانتقالية" مرحلة تأسيس التسامح وهي في حالتنا حالة احتلال أيضا، لذا فالحوار الجنوبي المؤسس مهمته مزدوجة ،يحرر الجنوب ويتحرر من ماضيه ليؤسس مستقبله ما يتطلّب جمع كل القوى على التحرير والاستقلال مهما اختلفت بشان ماضي الجنوب او إدارة مستقبله بعد انجاز التحرير والحرص على ما يرسخ التسامح ويوطد التصالح فالإصرار على شرعية الماضي ليس من التسامح ولن يؤسس مستقبل ، وما يعوق التسامح وتأسيس المستقبل توزيع شمولية الماضي ومناطقيته على هيئات الحراك وجعلها حاملا لها .
يوجد في الجنوب حراك تحرير واستقلال كان الواجب ان يرسخه إعلام هيئات الحراك في خطابها السياسي والإعلامي لكن نرجسية بعضها واحتذائها سلوك الماضي لاستقطاب الجماهير أفرزت لنا مسميات مثل "قوى التحرير والاستقلال" في الحراك بل وصل سلوك الاستقطاب الاقصائي ان برز مسمى "تنسيقيات قوى التحرير والاستقلال" مع أنهم لم يقدموا برامج تبرر أنهم متباينون في إدارة الحاضر او المستقبل ولم يتساءلوا عن كيفية التنسيق بين قوى متفقة أصلا في كل شيء .إن التسابق على مسميات كهذه ليس الهدف منه تطوير عمل الحراك بل يهدف الى إقصاء قوى جنوبية وهذا ضد التسامح وللأسف فانه أعطى للعدو حجة بأن الحراك السلمي الجنوبي ليس كله حراك تحرير واستقلال بل ان فيه قوى ليس خيارها التحرير والاستقلال وهذا إضعاف لصوت الحراك وأعطى فرصة تمثيل لقوى أخرى ليست مع التحرير جعلته إطارا تتمثل فيه كل المشاريع مع ان كل من يخرجون للساحات خيارهم الاستقلال. وضد التسامح تشويه أطروحات سياسية جنوبية نخبوية جاءت لظروفها كان يجب محاصرتها بشعار"الشعب يريد استقلال الجنوب"او ما في معناه حتى تتطور اما ان تجعلها بعض المكونات وسيلة إقصاء وبأنها أخّرت انتصار الجنوب فذلك لا يندرج ضمن الحقيقة السياسية بل ضمن تخدير الشارع بمزايدات وهروب من استحقاقات لم يحققها من يجعلون أنفسهم قوى تحرير دون سواهم.
ان التحرير والاستقلال ليس عبدا يملكه الذي يدفع فيه أكثر بل قضية شعب وتأسيس مستقبل ومن يدفع الملايين لم يأتي بها من أملاكه بل من أملاك هذا الشعب او دعما له وهو في نضاله كمن يأتي من أعالي الجبال او من هجير الصحراء لا يملك الا الخبز الجاف يقتات به ،لذا فالوزن الزائد في الساحات للتحرير والاستقلال وهذه حقيقة يعلمها الجميع وادعاء الوزن الزائد في هذه المرحلة ضد التسامح ولا يهدف لانتصار الحراك لانه سير على خطى الماضي للاستحواذ على المستقبل ، كما ان شخصنة الحراك بالصور والشعارات سواء المكتوبة او الملفوظة ليست من التسامح ولا تعبر عن حرص على الحراك كفعل شعبي انطلق لهدف التحرير وانه سلاح الجنوب وملك له ولكل قواه المؤمنة بهدفه بل الهدف من الشخصنة الاستحواذ على مشروع ما بعد تحقيق الهدف وهذا ضد مبدأ التسامح .
ان المرحلة التسامح تتطلب تحالف القوى السياسية وجمعها على قاعدة التحرير والاستقلال والاتفاق على برنامج نضالي وميثاق شرف بعيدا عن الصياغات الإنشائية والمزايدات ، يوحد الجهد الجماهيري ويعزز لحمته ومثلما ان الحراك سلاح جنوبي يجب ان يكون الصوت السياسي ملكا للجنوب،ويحدد البرنامج شكل الدولة القادمة وإدارة مرحلة ما بعد التحرير وتسوية الملعب للمباراة السياسية لها واعتبار كل القوى السياسية الداخلة في تحالف التحرير متساوية ومؤسسة للمرحلة الانتقالية مع ترك الباب مفتوح لأي قوة جنوبية لدخوله فلا منّة في النضال والجنوب للجميع.
ان هذه المرحلة تتميز باتقاد عاطفة الهدف واستحقاقات الوزن الزائد فيها مجافاة للحقيقة حيث يخلط المكون نفسه بالهدف وشعاراته ويقدمان على إنهما شيء واحد بينما ما يحرك الجمهور الهدف وليس المكون وهذه انتهازية لا للحاضر بل للمستقبل وهي امتداد لمرحلة الماضي وهذا يتعارض مع مبدأ التسامح.
استفادة: يجب الاستفادة من تجارب الأصدقاء والأعداء فأحزاب اللقاء المشترك توحد ثقلهم السياسي بينما بعضهم لا يتعدى ثقله الصوت الإعلامي ورغم ذلك التزموا ببرنامج سياسي موحد لان سمات المرحلة التي أوجبت تحالفهم تمسهم جميعا.