ليس كل إنسان له قلب ينبض عائش فسيولوجياً هو حياً في نظر شاعرنا الكبير(الشابي) وهناك بون شاسع بين من يريد أن يعيش ليبقى وبين من يعيش (ليحيا) فالحياة بنظرنا ثراء وعطاء ونماء معرفي ووجداني وإخلاقي وهي إباء وشموخ وكبرياء (مجموعة قيم إنسانية عالية) تظل الحياة بدونها بلا أي معنى أو قيمة .. فحياة الذل والمهانة والخنوع تظل ناقصة وبلا أي معنى أو قيمة بنظر الأحرار الأباة من الناس والموت يكون عندها أهون بكثير من هكذا حياة!
فالحياة تزدهى بالعزة والكرامة ولها مذاق آخر ومعان سامية لا يدركها غير الرجال العظام المسكونين بدفئ القيم الانسانية النبيلة ... وهناك من الرموز البشرية العظيمة التي رحلت منذو قرون وحقب زمنية طويلة وارتبط اسمها بأعمال ومنجزات ومواقف انسانية كبيرة لصالح خير وأمن وتقدم البشرية هذه الرموز ظلت وما زالت حية وخالدة في فكر ووجدان وضمير الانسانية وحتى اليوم والحياة هنا يتجاوز معناها الفسيولوجي الطبيعي إلى الدلالة الرمزية للمفهوم الإنساني للحياة كقيمة يلمسها الآخرون ومعنى يجسد عظمه الانسان كأرقى مخلوقات الله على الأرض !! وعلى ذلك غالباً ما توصف الشعوب الحرة الأبية المقاومة للظلم والاستبداد بكل الوانه وأشكاله بأنها شعوباً "حية" وهذا التوصيف يؤكد جلياً الإيمان بالمعنى القيمي للحياة الذي يتجاوز (الأكل والشرب والتنفس والأخراج) وفي هذه السياق يأتي شعب الجنوب الحر ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأنه واحداً من هذه الشعوب الحية التي تأبى العيش مسلوبة الإرادة والكرامة وعلى هامش التاريخ والحقيقة كل الحقيقة أن شعب الجنوب اليوم لا يقبل أن يعيش حياة الذل والهوان والاستعمار في أرضه.
لقد تعود أبناء هذا الشعب العظيم على حياة العزة والكرامة وتشربوا معاني الإباء والشموخ والرفض المستمر لكل ألوان الظلم والاستبداد والتاريخ على ذلك شهيد.. وهذه رسالة شعب الجنوب اليوم إلى كل من لا يريد أن يسمع أو يفهم أو يعي أن الثورة السلمية الجنوبية والمستمرة إنما تعبر عن رسائل كبيرة وعظيمة كتبها أبناء الجنوب الأحرار بمداد دمهم في كل الساحات النضالية ومفادها أن هذا الشعب الأصيل في نضاله وحريته قد ولد حراً وعاش حراً أبياً في أحلك وأصعب المراحل ولم ولن يتقبل اليوم أو غداً أن يتم العبث بكرامته وسيادة أرضه ومقدراته حتى لو قدم كل أبناءه شهداء وقرابين على مذبح الحرية والكرامة .. أنها جينات العزة والكرامة والشموخ يا هؤلاء ما زالت تجري في دماء الجنوبيين توارثها الأبناء عن الأباء والأجداد فلا مجال ولا مجال لمهادنة شعباً بكل هذا الكبرياء الفريد ليتنازل عن حقه في أن يعيش حراً وشامخاً شموخ جبال ردفان وشمسان فاتقوا الله أيها الغاصبون أن شعباً كهذا قد قرر العزم على نيل الحياة الحرة والكريمة بكلما تعنيه الحياة من معان عظيمة وانه مستعد للموت من أجل أن يحيا من جديد !!!