ظاهرة إنتشار الحمير وكثرتها في شوارع مدينة عدن تعد جريمة أخلاقية في حق عدن.. تلك المدينة التي لم يكن ينافسها في جمالها و تطورها ورقيها في بدايات القرن العشرين إلا مدن قاهرة المعز و بغداد الرشيد و الخرطوم. كما أن ميناء عدن يعد من احد الخمسة الموانئ الطبيعية في العالم وصنف أيضا في خمسينيات القرن الماضي كثاني ميناء خدمة في العالم بعد ميناء نيويورك. في الآونة الأخيرة كثر اللغط و الحديث عن ظاهرة إنتشار الحمير في المدينة وعن الحمالات التي تمت لمصادرتها من باب الحفاظ على المنظر الجمالي فيها و الزحمة التي تسببها في شوارعها... لكن في المقابل لم يتحدث أحد عن أسباب هذه الظاهرة ، فالحمير إنما حلت بديلا عن قيادات ومسؤولي المدينة والقائمين عليها وبالتالي المواطن أحتاج للحمير لخدمته التي من المفترض أن تكون من قبل المسؤولين في المدينة .. وهكذا يتم إستحمار المدينة. عدن أُم المساكين التي لا يعوز او يحتاج فيها أحد ، اليوم تتحول إلى مدينة مسكينة تحتاج إلى مساعدتها.. مواطنيها يستجدون رغيف الخبز من الجمعيات الخيرية والمنظمات ، تشوهت ملامح جمالها و من الصعوبة أن تنجح عمليات تجميل لإصلاحها.. عدن الثقافة و العلم و الصحة و التسامح استوطنها الثالوث ( أمراض و تجهيل و ظلم).. يحاصرها الساسة و يعاقبون أهلها.. لا رواتب ولا مياه أو كهرباء.. يعذبونها لأنها ترفض أن تكون ملك لأحد. سنوات منذ التحرير وعدن تشهد المزيد و المزيد من الحصار والعبث والتنكيل بسبب صراعات الساسة.. شهدت حربين بين أهليها.. سال الدم وسقط الشهداء.. وتم طرد البكري والميسري واديب العيسي وآخرون من قيادات المقاومة.. وتم طرد الرئيس وكل حكومته والسبب انهم خونة من الأخوان أعداء عدن و الجنوب.. عانت عدن خدميا وتنمويا ، لكن كل ذلك يهون وعليها الصبر والتحمل حتى لا نخون الشهداء الذين سقطوا دفاع عنها من الإخوان ،الأخوان والأخونة وخطب وتغريدات هاني بن بريك وكتابات صحفيي المجلس الإنتقالي وأربع سنوات من الشحن والتعبئة ، لدرجة أن هناك من قاطع شقيقه او زميله او قريبه بتهم التخوين و الأخونة و الولاء لهم ولازالت المعارك ضارية وعلى أشدها على تخوم زنجبارابين دفاع عن عدن من هؤلاء الإخوان أعداء عدن و الجنوب. اليوم نسمع ونقرأ عن التجهيزات الجارية على قدم وساق لافتتاح وانطلاق العمل لشركة سبأفون من عدن التي قدمت الشهداء وعانت الكثير في حروب و صراعات يزعم أنها ضد الإخوان الأعداء سبأ فون لحميد الأحمر وأموال اسطنبول ممول الأخوان ونشاطاتهم.. ستنطلق للعمل من عدن وبالقرب من منازل وأحياء وشوارع الشهداء الذين سقطوا وهم يحاربون الإخوان بل وستكون عين الناصح و المراقب و المرشد لأسر الشهداء وبناتهم.. و لا أستبعد أن تشارك القيادات والنخب في المجلس الإنتقالي في قص شريط الإفتتاح لعمل الشركة.. أن حدث ذلك و تم إنطلاق العمل لسبأفون من عدن فذلك يعد استغباء وإستحمار لنا و لعقولنا ولسنوات طوال وبيعة رخيصة للشهداء ودمائهم ممن كان مع الشرعية أو مع المجلس الإنتقالي. صمت قيادات المجلس الإنتقالي حيال ذلك مريبا والموافقة على عمل الشركة من عدن لن يجدوا له تبريرا... يكفي إستحمار.. لن يقبل احد بالتكتكة أو أن ذلك قد فرض من قبل الشرعية ، فقد سبق و ان تم طرد الشرعية بكلها و قوامها وجيشها و لن يكون الأمر صعبا بالنسبة لشركة عدد من العمال مالم يكن في الأمر أنة. لسنا ضد أن المجلس الإنتقالي او ضد شركة سبأفون و لكن نحن ضد إستغباء وإستحمار المواطن لسنوات. إن تم ذلك فعلا فكل قيادات المجلس الإنتقالي السياسية والعسكرية والإعلامية مدينة بإعتذار للبكري و للميسري و للشهداء و لعدن و لتتوقف حرب أبين فورا دون مزيدا من إراقة الدماء.. و يكفي إستغباء وإستحمار للمواطن العدني والجنوبي.