العقل السياسي الجنوبي هل هو موجود أصلا؟ وإن وجد هل يمتلك نضوجا سياسيا مكتملا وواضحا حتى نتمكن من قراءة ما بداخله؟ وهل من قدرات وتجارب حقيقية يحظى بها ذلك العقل قد تؤهله لأكتساب ميزة التفاعل ببديهية فائقة مع سيل المستجدات المتلاحقة والإستفادة منها بشكل جيد؟ تجد بعض النخب الجنوبية حرجا في قبولها وقائع ومعطيات معينة قد تخفف من حالة الإحتقان والسخط الشعبي الحاصل اليوم طالما وان تلك الوقائع لاتخدم مصالحها النخبوية والحزبية، لكنها في نفس الوقت لاتجد حرجا في مناصبة بعضها العداء وبالتالي عجزها عن تحقيق اي تقدم على مستوى الوفاق الداخلي والحوار الجنوبي الجنوبي وما يخلفه ذلك النهج السلوكي من تناقضات وآثار سلبية لاتخدم وحدة الصف وقدرة تحقيق مكاسب سياسية حقيقية او حتى إمكانية جلبها إستقرارا ملموسا لصالح مجتمعها وقواعدها المنكهة. فإين يكمن الخلل؟ ثمة مثل ياباني يقول : ( يهب الله الطيور غذائها، لكن لابد ان تطير حتى تحصل عليه) . لم أفهم بعد؟ هل فقدت المكونات الجنوبية الرغبة في ممارسة العمل السياسي والبحث عن غذاء يمكنها من اعادة انتاج نفسها وتجديد حضورها مرة أخرى؟ أم ان لارغبة أساسا جبلت عليها تلك المكونات؟ وهنا سأستميح القارئ مجددا في توجيه سؤال المرحلة هذه !! لماذا يصر بعض الجنوبيون دائما في التعامل مع كل منعطف سياسي وكانه نهاية المعترك وأن قصة النضال قد أنتهت عند ثمن بخس ومقابل مجحف تم القبول به لقاء التضحيات والانتصارات؟ إلا يرى هذا البعض ان الصراع السياسي لازال مستمرا وان حالة الفراغ السياسي بالجنوب ستبقى مشغولة مؤقتا ريثما تضع الحرب أوزارها وتنتهي سلطة البند السابع، وبعدها كل إناء بما فيه ينضح؟ ثم لماذا لانرى حراكا سياسيا نشطا ومتجددا لدى جميع المكونات الجنوبية بدلا من إنتظار ما سترميه لهم معارك الأخرين والإكتفاء بتعليق فشلهم وعجزهم على شماعة الاقصاء والتهميش؟ ياعزيزي العالم والإقليم والإشقاء كل هؤلاء لديهم أجندات ومصالح يسعون لتحقيقها من وراء إدارة الأزمة والصراع الحاصل في بلدك، وإن لم تكن جديرا بفهم خيوط اللعبة السياسية ولديك الإستعداد في خوض معتركها فقطعا ستظل رهين الإستجداء والتسول بقية عمرك . بصراحة يؤسفني كثيرا القول ان غوغائية العقل السياسي الجنوبي لازالت تغرد خارج سرب الواقع وتجد صعوبة جمة في إستيعاب النص وقراءة المتغيرات الماثلة امامها بعقلية تختلف عن عقلية ثمانينيات القرن الماضي .