قد يكون مجلد "سفر إصحاحنا الجنوبي الثاني عشر" مختلف عن غيره من مجلدات الاسفار الجنوبية وذلك لأننا خصصناه للإجابة على بعض النقاط التي رأينا انها تستحق التوقف للرد عليها والتي جاءت على شكل تساؤلات واستفسارات مختلفة من بعض المهتمين الذين يتابعون سلسلة مقالاتنا النقدية الموسومة ب"سفر الإصحاح الجنوبي" .. وفي الحقيقة ان تلك الاستفسارات والتساؤلات كثيرة ومتنوعة ووجدنا فيها ماهو موضوعي يستحق الرد وماهو سطحي ولا يستند الى أي معايير نقدية وموضوعية يجعلنا نبادر في الرد عليها وتوضيحها ، لكن حسبنا ما وجدناه يستحق الرد . وهي ثلاثة أسئلة كالتالي : لماذا تركزون في اسفار إصحاحكم على الجوانب الكارثية والمظلمة في التاريخ الجنوبي وتقومون بتعميمها على كل المراحل الجنوبية الحديثة والمعاصرة ..؟ والسؤال الثاني : هل تعتقدون ان فتح ملفات التاريخ الجنوبي ونقدها ستغير من واقع الجنوبيين المعاصر .. ؟ والسؤال الثالث : ماهي رؤيتكم للحل طالما وانتم تضمنون اسباب وعوامل نتائج الاخفاق والفشل الجنوبي التاريخي ولماذا لاتتحدثون عن الايجابيات وبعض النواحي المضيئة في التاريخ الجنوبي ..؟ وتلكم كانت الأسئلة وعليها نجيب كالآتي :
أولا نحن لانعمم الأخطاء والكوارث على باقي المراحل الجنوبية ، لكننا نتعامل مع التاريخ كما هو وبدون أي اجتزاء او اجترار او اجتهاد ينافي واقعية التاريخ وحقائقه ويؤسفني وبكل حيادية والتزام اخلاقي وموضوعي ان اقول ان الحقيقة غاية في الألم والحزن ومليئة بالمرارات والآلام الصعبة والقاسية في تاريخ الجنوب وفي اغلب مراحله الحديثة والمختلفة منذ استقلاله إلى يومنا .. ولايمكن ان نعمم التجارب على المراحل ولا المراحل على باقي التحولات والمتغيرات ولكن ثمن الوصول الى الحقيقة غال وثمن خوض غمار معركة الوعي أغلى .
وأما فيما يخص فتح ملفات الماضي والخوض فيها ونقدها والسؤال عن جدوى فتحها وفي هذا التوقيت بالذات وما إذا كانت ستساعد في تغيير الواقع المعاصر للجنوبين ، فتلك هي الغاية السامية والهدف الذي ومنذ اعتزمنا كتابة السلسلة ونحن نصبوا إليها ونتطلع لها وذلك لاننا نؤمن ان لا أمل ولا منفذ ولا منقذ للجنوبيين باختلاف توجهاتهم ومشاربهم إلا بإعادة قراءة التاريخ ومواجهة الحقيقة كماهي وبدون إستعلاء او مكابرة او اعتراض اونفي اوعدم قبول لتلك الحقائق التاريخية والتي تعيد إعادة انتاج نفسها في الواقع المعاصر للجنوبيين ولأننا ندرك اننا كجنوبيين وإلى اليوم لم نستوعبها ولم نحاول ان نستخلص نتائجها لكي نستطيع تجاوزها وحلها وعدم الوقوع فيها مجددا ولكن وللأسف اننا مازلنا نقع فيها ..!
وأما مايتعلق بالتساؤل الأخير ، عن رؤيتنا للحل فبإعتقادي ان الحل الرئيس والجوهري يكمن في صناعة رأي عام حقيقي ، متسلح بالحقيقة والموضوعية وبكل وطنية ومسئولية تستشعر المصلحة العامة للجنوبيين وتكون نابعة من صميم معاناتهم للوصول لمرحلة إنتاج قوى سياسية جنوبية منظمة ، خالية من أزمات وكوارث الماضي الجنوبي وبل وخالية من كوارث وازمات الحاضر الجنوبي والذي لا ينذر بحلول مستقبل حقيقي يلبي تطلعات الجنوبيين ويحقق طموحاتهم .
وأما عن شق السؤال الثاني حول لماذا لا نستعرض الجوانب الإيجابية والمضيئة في التاريخ الجنوبي الحديث ، فاننا لاننكر تلك الجوانب والصفحات المضيئة ونشير لها احيانا ، إلا اننا لانستفيض في شرحها ولانسهب في سردها ونقدها وذلك لاننا نلتزم خطة نقدية لازلنا نركز من خلالها على نقد السلبيات وهذا لايعني اننا لن نتناول تلك الجوانب الإيجابية المضيئة ، بل سنحاول وبقدر الإمكان ان نستعرضها ونوجد المقاربات والمقارنات النقدية لها متى ما أتممنا مانراه ذا أولوية وذا أهمية في السلسلة .