يسعدني ويشرفني بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا الذكرى ال 53 للاستقلال الوطني في جنوب الوطن أن اهنئ جماهير شعبنا اليمني في الداخل والخارج وقيادته السياسية والعسكرية والميدانية. نعم إنها مناسبة غالية علينا وعلى شعبنا الحر الأبي والتهنئة بهذه اليوم الخالد هي التذكير بنضال شعبنا الأبي نحو التحرر من الاستعمار والاستبداد والتذكير بالتضحيات الجسيمة التي قدمها شعبنا في جنوب الوطن في سبيل انتصار ثورته التحريرية التي انطلقت من قمم جبال ردفان في الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م دامت أربع سنوات تمكن فيها الشعب العظيم من انتزاع استقلاله الوطني في مثل هذا اليوم ال 30 من نوفمبر من عام 1967م وطرد آخر جندي بريطاني من عدن وكل محافظاتالجنوبالمحتلة لأكثر من 129 عاما جثم الاستعمار خلالها على مقدرات شعبنا ومصادرة حريته وسيادته على أرضه. اليوم نحتفل بالذكرى ال 53 لعيد الاستقلال الخالد وشعبنا اليمني يمر بليالٍ حالكة وظلام دامس بسبب ما ألقته الصراعات الدموية التي جرت من بعد الاستقلال والتي تلقي بنتائجها السوداء حتى اليوم، وما ذلك إلا دليل على موت العقل والقيم عند بعض من ليس لهم تفكير غير اجترار صراعات ومآسٍ وآلام الماضي الأليم. كما أضافت الحرب على شعبنا ماسي وآلاما وعلى مدى ست سنوات عجاف وما لحقه من دمار ودماء وتشرد وفقر ومرض وجور ونحيب لم يشهد شعبنا مثيلها في طول وعرض البلاد في العصر الحديث والقديم والمعاصر. إنني وبأسى بالغ أحيي هذه الذكرى الخالدة وشعبنا ووطننا يمر بأسوأ تاريخ له من تفريط بتضحيات المناضلين ومن وهبوا أنفسهم ودماءهم الغالية في سبيل التحرر وهو ما تكلل قبل 53 عاما من اليوم والذي فيه استعاد شعبنا حكمه وإرادته على وطنه.. ونخشى فيما نخشاه بأن تلك التضحيات والملاحم البطولية ستذهب هدرا إن أُعيد إنتاج الماضي وبأسوأ ما فيه. ففي الاحتفال بهذا اليوم الخالد رمزية الشعب الحر وإرادته الحرة، نهيب بأحفاد ثوار أكتوبر وسبتمبر ونوفمبر بأن لا يفرطوا بتضحيات آبائهم وأجدادهم، أو التفريط بوطنهم واستقلاله وسلامة أراضيه وتسليمه على طبق من ذهب لمن يريدون التفريط بالوطن وسيادته والعابثين به.. وما هذه الظروف العصيبة التي يعانيها شعبنا اليوم إلا ضريبة يجترحها شعبنا في جنوب الوطن وشماله من أجل السلام والأمن والاستقرار والازدهار بصمود رجال الوطن الأوفياء وشعبه الحر وأحفاد أبطاله الميامين الذين لقنوا الغزاة دروس الانعتاق. لم يكن رحيل بريطانيا العظمى (الدولة التي لا تغيب عنها الشمس) إلا مثالا لصمود شعب وهزيمة إمبراطورية. واحتفال شعبنا بهذه الذكرى الغالية هي رسالة تذكير لأولئك الطامعين بأن نوفمبر هو رمز شموخ اليمن وشعبه، ولم تكن أي أطماع لهذا الوطن الحر إلا خزي جديد سيلحق بمن سبقهم من طامعين له، وسيرحل كما رحلت قبله دول عظمى كسيرة ذليلة ومهانة من أرض حرة وشعب أبي. إن الاحتفال بذكرى نوفمبر العظيم هي لحظة استذكار تاريخية، وإن كنا اليوم نحتفل بها وشعبنا - شماله وجنوبه - يمر بمنعطف عصيب لا يعني بأي حال من الأحوال ديمومة هذه الظروف واستمرارها، وليقيننا بأن الآتي أجمل والقادم فخر جديد سيضاف لمفخرة هذا الشعب التواق دائما للحرية واستنشاق نسيمها النقي على أرضه، ومن أجلها سيبذل اغلى ما لديه حتى يحل السلام وتضع الحرب أوزارها لينعم شعبنا اليمني العظيم بالأمن والاستقرار والازدهار. وكل عام وشعبنا اليمني العظيم في خير وسلام. * محافظ وسفير سابق