نوفمبر أطل اطلالة باهتة بترتيبات تكاد تكون معدومة لم يستشعرها المواطن الذي اعتاد في مثل هذا الشهر النوفمبري شهر التحرر وكسر القيود والانعتاق من الذل واستعادة الارض بعد طول احتلال دام قرابة المائة والتسعة والعشرون عام والأرض منهوبة الثروات مسلوبة الحريات مقيدة الحقوق وضائعة المصالح مهمشة مهملة وطأتها أقدام الغزاة ابتداءً بهينز وجنوده متدرعين بالحجج الواهية ومستغلين تفوقهم في العدة والعدد التي لم تثني أحرار عدن من المقاومة بأبسط أنواع السلاح مقدمين ارواحهم رخيصة للغالية عدن وبعد التحرير لم يعطى لأوائل المقاومين حقهم في التكريم وبرزت اسماء وانذرت أسماء لرجال أبطال ابلوا بلاءً حسناً وطمست أسماؤهم من ذاكرة النضال سهواً أو عمداً وكل ذلك بسبب الانتماءات السياسية التي فرقت رفاق الدرب الواحد إلى فرق واشياع انتابها حب الظهور والسيطرة والامساك بزمام الامور وتوجيه سفينة البلد حسب رؤاهم الشخصية وتوجهاتهم الحزبية ومبادئهم الثورية المنبثقة من التربية الوطنية التي تلقوها ومن ذلك المنطلق همشت كثير من الشخصيات النضالية ذات الباع الطويل في النضال والتضحية والفداء وحرمت كثير من الشخصيات من اقل القليل وهو ذكرها وذكر دورها في النضال. ثم جاء الطمس الكلي لكل ادوار النضال للثوار الذين وهبوا ارواحهم من أجل تحرير عدن والجنوب فالمتصفح للتاريخ وحتى المناهج الدراسية لكافة المراحل من بعد الاجتياح الشمالي لمحافظات الجنوب في صيف 94م يجدها قد طمست الكثير من مسيرة وتاريخ النضالي لثوار أكتوبر وأبطال تحرير نوفمبر ولم تشير إلا للقليل منهم على سبيل الارضاء والخروج من الحرج وكرست كل التكريس للحديث عن ثورة سبتمبر باعتبارها الثورة الوحيدة أو الام متناسين ان اكتوبر سبقت بحركات ثورية لم يكن النجاح حليفها ولكنها كانت نواة حقيقية لتجسيد ثورة أكتوبر وصولا إلى نوفمبر الجلاء. لقد همشت الثورة الاكتوبرية وحذفت مراحل من تطوراتها وتسلسل مراحلها حتى كان نوفمبر النصر والتحرير. وما الذي ينبغي في مثل هذه الايام من استقبال نوفمبر بعد تلك المراحل الصعاب لمل الشمل وإعادة كتابة التاريخ الحقيقي وتسطير مراجل الثورة بأحرف من نور واعادة الحق الضائع لرجالات تلك المرحلة دون اغفال لدور المرأة افي عدن وكل أرياف الجنوب واعادة صياغة المنهج الدراسي وتجسيد اكتوبر ونوفمبر في عقول وأعماق الاجيال الذين باتوا لا يعرفون شيء عنهما سوء أنهما أيام عطل رسمية . الاحتفاء بنوفمبر يتطلب من القيادة السياسية بذل المزيد من الجهود حتى يستشعر المواطن بثمرة نوفمبر ويقدر قيمة الدماء التي سالت والابدان التي قدمت قرابين من أجل التحرير. اليوم نوفمبر يمر كذكرى عابرة سطحية دون ملامح الفرح والابتهاج فالاحتفاء بنوفمبر يتطلب المزيد من التضحيات التي تجعل من نوفمبر عيد وطني يستحق الاحتفاء به بعد كل تلك الانتكاسات التي حجبت سطوع وبريق الاعتزاز بالعيد النوفمبري