اشرقت شمس التحرر والانعاق من المستعمر البريطاني في جنوبنا الحبيب في الرابع عشر من اكتوبر 1963م بعد مخاض ثوري شعبي دام اعواماً ، تمثل في الانتفاضات الطلابية والعمالية في العاصمة عدن ، المناهضة للوجود الاجنبي في جنوبنا العربي . وكان للثورات العربية والاحداث الدراماتيكية المتسارعة في الوطن العربي الدور الداعم الاكبر في اذكاء جذوة الثورة في الجنوب العربي ، سواء من الناحية المعنوية او من الناحية المادية ، وليس بخاف على احد الدعم الناصري السخي لكل ثورات التحرر العربية . توج هذا الزخم الثوري الطلابي والعمالي باليوم الاكتوبري المجيد في الرابع عشر من اكتوبر 1963م من جبال ردفان الشامخة معلناً بداية مرحلة جديدة من النضال المسلح ضد المستعمر البريطاني . قادت الجبهة القومية مع جبهةالتحرير هذه الثورة المباركة - ضد اكبر واعتى امبراطورية عرفها التاريخ . كانت ارادة وعزائم الثوار الفولاذية هي الحاضرة في ميادين العزة والشرف والبطولة ، فصمدوا صمود الجبال ، والحقوا بالمحتل البريطاني الهزائم تلو الهزائم رغم تفوق المحتل عدة عتاداً مع مايمتلكه الثوارمن الاسلحة التقليدية الخفيفة والمتوسطة . قدم الثوار خلال اربع سنوات من الكفاح المسلح قوافل من الشهداء ، من افضل واشجع وانبل الرجال الذين عرفهم الجنوب ، رجال احبوا كل ذرة من تراب الجنوب، وهاموا به حباً وعشقاً ، فسقوه بدمائم ولونوا ترابه بسبقة دمائم القانية ، يحدوهم الامل الى النصر والخلاص من هذا الاحتلال البغيض . كانت تضحيات آبائنا الثوار هي ثمن ذلك اليوم النوفمبري الاغر الذي انبلج نوره بطرد آخر جندي بريطاني من جنوبنا الحبيب ، معلناً النصر وميلاد وطن جديد في الثلاثين من نوفمبر 1967م ، ومودعاًحقبة مظلمة من الاحتلال دامت 129 عاماً . واخيراً حري بنا ونحن نحيي هذه الثورة في ذكراها الواحد والخمسين - ان نقف مع التاريخ ، لنستلهم الدروس والعبر من بطولات الآباء والاجداد ،نقبل الارض التي ساروا عليها ، لنستمد منهم حب الوطن ، نثمن تضحياتهم لنستمد منها الارادة والعزيمة والصمود والاستبسال ، نحكي بطولاتهم للاجيال الجنوبية ، لنتعلم منها قيم العزة والكرامة والكبرياء . الثورة الاكتوبرية مدرسة عظيمة نتعلم منها معنى الحرية ، ونتعلم منها كل القيم الانسانية النبيلة .