المعروف أن ثورات الربيع العربي لم تأت صدفة أو استجابة تفاعلية كردة لفعل معين كما يصوره البعض بل حصيلة تراكمات لعقود من الدكتاتورية والاستبدادية أنهكت الشعب وأوصلته إلى ظروف لا تطاق وأحوال لا تحتمل فكان ( بوعيزي ) بمثابة الشرارة في هشيم النفوس العربية القفرة .ولا ينكر دور الإعلام - إلا مكابر- في قيام هذه الثورات والمساعدة على سرعة انتشارها في وقت قياسي غير متوقع ,. لكن الأهم من ذلك هل كان الإعلام موضوعي وعلى قدر من المهنية هنا ينبغي الإشارة إلى أن هناك إعلام رسمي وهذا لا شك كان مدافعا باستماته عن النظم السياسية الحاكمة . وهناك الإعلام الخاص المتمثل بالقنوات الفضائية وشبكات التواصل الاجتماعي الذي كان له الدور البارز واليد الطولى في التغطية المباشرة والانحياز واضحا إلى صف الشعوب ,في هذا المنعطف التاريخي الحساس وبعد سقوط الأنظمة الفاسدة والاستبداد سقطت الأقنعة وتكشفت الخفايا عن مؤسسات إعلامية كادت تكون نبراسا لثقة المواطن العربي بالنزاهة والحيادية والمهنية , .
فقناة الجزيرة مثلا التي مثلث مركز إشعاع وتنوير ومنبر من لا منبر له بل وثورة كسر حاجز الصمت واخترقت ظلام العتمة المفروضة من قبل الإعلام الرسمي .فالجزيرة من بداية الثورات كانت تقف إلى صف الشعب الذي خرج إلى الساحات وتنقل كل شاردة وواردة تصب لمصلحة الشعوب والجماهير المحتشدة في الساحات لكن بعد الإطاحة بالنظم الحاكمة آنذاك انقشعت الوداعة المهنية لربيع الجزيرة بالانحياز التام إلى جانب القوى السياسية التي تسلمت الحكم مروجة لكل ما تقوم به غاضة الطرف عن كل سلبياتها وعن الجماهير التي خرجت إلى الشوارع معترضة لسلوكيات وممارسات السلطات الحالية .مما يوحي أن قناة الجزيرة تعمل على إرساء وضع معين وبأجندة بعيدة عن المهنية .
وهذا يعني أن الإعلام العربي على الرغم ما يشهده العالم من تطور في تكنولوجيا الاتصال وثورة المعلومات وكسر الحواجز وفرض المعرفة ما زال رهبن السياسات الإعلامية لأنظمة الحكم إلا أن الأمل يحدونا في هذه الشعوب التي غيرت مجرى التاريخ وكسرت حاجز الخوف وشبت عن طوق النظم الاستبدادية في انه قد قرب اليوم الذي نشاهد ونسمع خطابا إعلاميا متسما بالشفافية والموضوعية والمهنية بعيدا عن قوانين التعتيم و مصادرة الرأي وتكميم الأفواه