جرت العادةُ في بعض المناطقِ، والأريافِ اليمينية بالحرص على إختيار أول من يُخرج المولود الذكر من مكان مسقط رأسه إلى البرِ المفتوح يشترط فيه أن يكون الأنسب من اقرباءه وأن لزم الأمر وتعدى ذلك للأجانب يتعداه إلى شيخ القبيلة، والعشيرة او أحد أعيانها من ينظر فيه متمتعاً بصفات القوة والشجاعة والكرم... وقد يسري التقليد كذلك على الأنثى ومن قِبل أمرأة يتطلب فيها أن تحمل من الصفات الحميدة والمعروفة للكثير، وحتى يقال في هذا المولود وقت ما يكبرُ فيصبح ذو عزمٍ، ومروءةٍ أخرجهُ فلاناً بن فلان، كل ذا ضناً منهم بهذا الأعتقاد إنهم قد بذروا من صفات ما يتحلى به ذلك الرجل، ليتمثلها مولدهم الجديد حينما يقوى عودهُ، ويشتّدَ ساعدهُ وبهذ الفعل إنما قد ساعدوهُ على الوصول لما تعشّموه فيهِ من قيمٍ أصيلةٍ سمحاء. فمن حيث النظرة التفاؤليّة لو قارنا المسألة نسبة إلى هذا العرف السائد عند بعض من اليمنين إن كان هو كذلك موفقاً بالفعل..فحكومتناء المشكلة أكيد ستحمل نفس صفات مُخرجها من موقع مسقط رأسها لترى النور أخيراً، فإذا كان فيه الخير أكيد سيكون فيها الخير وإذا كان ليس فيه، إذاً هي تحمل بذرة من بذور الفساد والشر وموبقات من سبقوها إلى دائرة الضوء، ومن هنا إقرأوا علينا كشعبٍ السلام، فلن نَجني منها في قادم الأيام غير رصيدٍ من النهبِ، والفيدِ سيمرُ كما هو معهودُ من دهاليز غير مستبانة لنا، ولن تبلغ يوما مبلغ ما أرادهُ الإنسان المقهور والمطحون منها. أما من حيث حدس النظرة التشاؤميّة،فقد تعلمنا بالفطرةِ من التاريخ عن الحكومات التي تنشأ على هامش الحروب، والمشاكل هي دائماً تتعرض لكثيرٍ من الضغوطاتِ والممارساتِ العوجاء، والهوجاء فُتصبح وتمسي بنسبةٍ كبيرة مكتوفةً اليدين، مقيدةً الساقين وبالمرة، يوجد من يعرقلها ويحدُ من تحركاتها فلا يُعطيها إستقلاليتها الكاملة تجاه من حولها والتي هي أصلاً أُُنجبت من أجلهم، ولإعتبارات هامة يجب أن تتلتزم بالوضع الذي أستنجدَ بها فيه، لكي تُغطي على ما أنكشفَ من عمق السلطان، وكل هذا من وجهة نظر أصحابها يعد كَسباً للوقت تكويناً لجزءِ من إنطباع الثقةِ لدى الناس حول الدولة إرجاعاً لقليلٍ من الأملِ المفقود وبقرب تحسّن معيشتهم. لهذا. فما كان حرياً بمن أخرجها حكومةً من دائرة مكان ولادتها محمولة على راحتيهِ أن يُدثّرها بثوبٍ خيفةَ عين الحاسدين تّصيبها فتمرض، وتسقم وقد لا تتعافى بالمطلق من بعدها؟ أم هو واثقاً كل الثقةِ انهُ في بلادٍ يكثر فيها الرقاة الشرعيّن فسيرقئ لها حتى بلوغها هدفها المحدد، وأكيد لن تترك لحالها فستلقى العناية الفائقة تدليلاً، وتدليعاً تُزين أمام مواطنيها بأجمل ما يُلتبس ويصنع، وكُلما ضهرت عليهم يستهوّن لمسةً من حنانها، وعطفها تحفّهم بها وبمكارمها، ولتُحيطها السنتهم حينها بقول : ماشأ الله تبارك الله الله وأكبر يحفظك من كل متمردٍ. وإن قدّر لها وتحوّلت مشوّهة كسابقاتها من مواليد الحكومات المتعاقبةِ، ولم تقضي الضرورة، أن يتعلم سادتها أن لكل ضرفٍ من الضروفِ أحكاماً ينبغي عليهم فيه مراعاتها، والأنتباه منها، كلّا ولم يُصحوا ويدركوا أن في من وجدوه بين الأمسِ واليوم صابرا قانتاً محتسبا يطوّقهم ويحفظ زالاتهم قد لن يجدوه غداً كذلك بنفس الطاقةِ، والتحمّل... وعليهم من الأن فصاعداً أن يتوقعوا وفي حال الفشل، أقل ما يمكن فعلهُ بهم هو، إذا لم يُقابلوا فيُرموا بالحذيانِ في الشوراع، هُم إذًا إن كان لديهم بيوت وعوائل في الداخل لن يستطيعوا في يوم من الأيام المغادرة من مقراتهم إليها، وللترويح والتنفّس على شواطئ عدن، وفي كِلتا الحالتين يختاروا أما أن يبقوا محاصرين في مواقعم او ليعودوا من حيث أتوا، وهذه المرة ليس خفيةً، وسراً على أحدٍ، المسألة لن تُذلُ شرعيًة وحدهِا وبعينهِا ولكن شرعيّة مع من تشرعنوا إلى جانبها....