مع أني انتقد أي خطاب يحاول أن يعلي ويرفع من شأن "الأصل"، أو الأصول، وأجد مثل هذه الخطابات، والممارسات المستندة عليها، من أكبر العوائق التي تمنع أي فرصة لانبثاق وتحقق وتطور وتراكم مكتسبات مواطنة متساوية حقيقية تُلبي طموحات كل فرد في دول حديثة باتت تتسم - بحكم ضرورات التاريخ والاجتماع _ بالتعدد والتنوع. وليس أدل على ذلك أن أولئك الذي يشددون دوما على الأصول، وتتمحور خطاباتهم وممارساتهم حولها ، باتوا اليوم يقفون على رأس مكونات تقوّض كل فرص المواطنة، على أرض الواقع، وفي الخطاب العام. ومع كل ذلك، لا أجد أي مبرر لتلك التغريدات التي ينشرها واحد معتوه مثل ضاحي خلفان عدا عن فيض من الانحطاط. صحيح أنه يحاول أن يتذاكى، فيكتب تغريدات تحمل إهانة مضمرة، ولا يستطيع الأجنبي - غير العربي - أن يفهمها كإهانة. ففي تغريدته الأخيرة على سبيل المثال، يكتب أنه "إذا كان العرب ينتسبون إلى اليمن، فأنا اتبرأ من الانتساب إلى اليمن"، بمعنى أنه كفرد له الحرية الكاملة في اختيار انتمائه، لكنه في الأصل يسعى - عن سبق اصرار وترصد - إلى استفزاز قطاع واسع من الجمهور اليمني، الجمهور الذي يمر بأوضاع كارثية ومأساوية، كانت دول الجوار والاقليم جزءا رئيسيا من مأساته، فيدخل على صفحة ضاحي ويطلّع من جوفه المحتقن كبركان كل أنواع الشتائم والسباب ضد البنغال والشرق آسويين، حتى وكأن هذه الهويات/الانتماءات نقيصة تستحق الخجل والخزي والعار، فيقعون بذلك في عنصرية واضحة صريحة. وهذا التفاعل السلبي مع هكذا فخاخ يجعل"الضاحي الخربان" سعيدا، لأنه استطاع أن يُطلع بسهولة كمية مهولة من عنصرية الجمهور اليمني، وبالتالي وكأن معه حق في إعلان البراءة من هذا الانتساب. يجب أن نعلم أن البنغال والهنود والآسويين مجتمعات إنسانية بشرية كاملة الكرامة والاهلية الإنسانية، وفي مقياس التطور، هذه الدول تحقق قفزات كبيرة بما يجعل العرب ليسوا اهلا حتى أن يكونوا موضعا للمقارنة، ثم من ضحك عليكم وقال لكم أن هذه البلدان يُشرفها انتساب واحد معتوه مثل ضاحي خلفان إليها، هو عار بذاته، ونقطة، بدون إضافته إلى أي هوية بغرض التحقير والإهانة...