أكتمل العرس الديمقراطي الامريكي أخيراً، وذلك بتصديق الجونجرس على نتائج المجمع الأنتخابي للولايات، ليبداء يقترب العد التنازلي من نهايته وبتسلّم بايدن مقاليد لحكم من خصمه ترامب، وبهذا لم يعد لدى الأخير أملاً في البقاء فهو وفقاً للعرف المتبع في هذا البلد من بعد 20 يناير سيغادر البيت الأبيض لا محالة، وإلى ذلك اليوم العالم يحبس أنفاسه ما قد يقدم عليه المنتهي ولايته من عملٍ ما يكسبه نوعاً من الشعور بالقوة وبالثقة. وبموجب العقد النفسية التي يعاني منها وتمثلت في كثير من التصريحات النارية واستمر يطلقها في كل اتجاه الواحدة تلو الأخرى إلى قبيل إنعقاد جلسة التصديق على بايدن، ليكملها دفعاً بمناصريه من اليمين الرديكالي المتطرّف، ومن المؤمنون بتفوق العرق الأبيض لمحاصرة مبنى الكونجرس مما تسبب لإلحاق الضرر به وبسقوط عدد من الجرحى والقتلى في الواقعة، كسابقة لم يشهد لها التاريخ الامريكي مثيلاً. وبهذا الشكل جميع القرائن، والمؤشرات تدل أنه لن يخرج من المشهد خالي الوفاض دون ما يبصم بصماتة الأخيرة داخلياً، وخارجباً ليتلقفها العالم سواءً كانت بسلبٍ او إيجاب.
فترامب يتمتع بحالة مزاجية غير طبيعية لم يتمثلها رئيساً من قبلة، ويبدو فيها من خلال ممارساته صارماً حازماً ومن النوع الذي يرفض من باب الأناء والتعالي الأعتراف بالهزيمة، ومن الواضح إنه يعيش مهوّس بالسلطة لحدِ الجنون، ويرى في القواسم المشتركة المتعارف عليها والتي ضمّنها الأباء الأولون في دستور هذا البلد عملاً يستنقصه ويستنقص شؤون آخرين من حوله، ليشرع من الوهلة الأولى يتعامل معها في حدود ضيقة تتفق مع رغباته. لذلك أصبح من يوم صعوده إلى البيت الأبيض يقلّب الموازين رأساً على عقب متجاوزاً أموراً كثيرة هامة تعوّد المواطن الامريكي على مدى زمن ليس بالقصير التقيّد والألتزام بها، ليتحوّل يمارس الفرز المجتمعي بين السكان بمضاهر برزت بين حزبي عنصري عرقي وعليه صار يُعمق إنقساماً واسعاً سيمتد تأثيراته على الشعب لأمدٍ ليس بالقصير.
ومن هذا المنطلق وقد تأكدت النتيجة ورست على بايدن كرئيس مُقبل لامريكا، ولم يعد لدى ترامب ما ينجيه من السقوط، بل هو بالمعنى الأصح صار ساقطا ومن ساعة إعلان مصادقة أعضاء الكونجرس بشكل نهائي على خصمه، لهذا قد يلجاء بالفعل إلى ما يتجاوز به مرارة الهزيمة، ووصمة العار التي تلاحقه، وما من شيئ يغسلها ويبعد تركيز الإعلام عنها، ولتجعله أكثر شعوراً بالفخر إلا أعمالاً ترقى لمستوى ذلك، وبالهروب إلى الأمام كخيارٍ يملئ به الفراغ وحاجته للضهور، ولن يكون إلا بإشعال حرائق متفرقة، ومن المرجح أن يُقدم على إستهداف عسكري لواحد من الأعداء التقليدين لأمريكان وحلفاءهم في الشرق الأوسط.. وإيران هي المرشح الأول والأوفر حضاً بمسك ختام العقدة الترامبية.