لقد ايقن العالم واجمع بأن الفساد علي اختلاف مضاهرة تعد المعوق الاكبر لكافة محاولات التقدم والتنمية .. مما يجعل اثار الفساد ومخاطرة اشد فتكا وتاثيرا من اي خلل اخر .. اذ ان دوره التخريبي لايقتصر على مجال ما فقط بل يمتد ليطال شتى مناحي الحياة .. الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ولهذا فان عملية محاربة الفساد ياسادة .. تعد المنطلق الرئيسي للإصلاح والبناء والتنمية، والقيام بها تتطلب ثورة على الثورة، او بلغة السياسة ثورة مظادة .. لأن مانعرفه عن محاربة الفساد في بلادنا لم يتعد الاخبار وتنظيم ورش عمل وندوات فقط .. وجميعها عبارة عن شعارات لا تعدو كونها مسكنات لا اكثر ولا اقل. كما ان عملية قياس الفساد المعمول بها في وطننا الحبيب حسب الاحجام والاوزان تعد مغلوطة وغير صحيحة، وكما يسمي ببلادنا فاسد صغير وهامور كبير .. لان الفاسد الصغير بعد سنوات، يصبح هامور كبير، حسب مانشاهده وماتقوله قصص الصعود الغامض في ثروات بعض المسئولين ووفق ما نلمسه في واقعنا كل يوم. وللأمانة نقول اذا لم تفتح الابواب الخلفية المغلقة الحامية للفساد فلا جدوى من ادعاء محاربته .. فما نراه ان القضايا عادة تتوقف عند متهم واحد في حين يختفي بقية رؤوس الفساد الأخرى .. وذلك نتيجة لوجود بطانة حامية لهم يقفون وراء الستار في مقاعد غامضة ويتدخلون في الاوقات المناسبة .. لانهم يدركون جيدا أن سقوط تلك الرؤوس يعني سقطوهم معهم تماما مثل لعبة الضمنة. ولهذه الاسباب نجد أن الفساد يتسع وتتعاظم آثارة من عام الى آخر .. في حين يزداد الفاسدون توحشا، بل انهم تحولوا الى مؤسسة موازية، واصبح الموظف الفاسد يشعر بالامان اكثر، لانه يعرف جيدا ان الفساد منظومة جماعية ويعرف انة لو فتح ملف فساد الجهاز الحكومي بشكل جدي فالفضيحة ستكون مدوية وكبيرة وربما ان الفاسد لايسقط الا اذا سقطت المنظومة كاملة بما فيها تلك القوى الخفية التي تحميه. وما يؤسف له ان هذه الحرب والازمات التي تمر بها البلاد وماتخللها من تحولات شتى مثلت فرصة سانحة للكثير من العابثين والفاسدين والذين اعتبروها بمثابة بيئة مناسبة لممارسة اطماعهم وجشعهم .. الامر الذي وسع منظومة الفساد في البلاد وقوى من شوكتها .. ولذلك نجد ان الكثير منهم حريصون على اطالة هذه الازمة وعدم استقرار الاوضاع .. كونهم يدركون ان ذلك سيحول بينهم وذلك العبث والنهب الذي يمارسونه بحق مقدرات الوطن. وعليه نقول ان محاربة الفساد في البلاد تعد البداية الحقيقية لانهاء الصراع والازمات وتحقيق الاستقرار .. لكن عملية محاربة الفاسدين ووضع حد لعبثهم لن تتحقق بالطرق والوسائل التي عهدناها والتي لا تتعدى الشعارات بل انها تتطلب ثورة شعبية واسعة غلى رؤوس الفساد وهواميره من اعلي الهرم الى اسفله تماما مثلما تكنس السلالم.