ما تعلمناه إن كنا تعلمنا شيئًا هو عدم إتخاذ مواقف سياسية متشنجة. بل مواقف هادئة ترى نقاط القوّة و الضعف. المواقف هي نتاج القناعات و القناعات هي نتاج القراءة.. و الإستقصاء التي هي أكثر أهمية من الكلام من طوفان التسابق على إدعاء المفهومية السياسية. تعلمنا لا نكون قذائف في مدافع أحد و لا نكون حجارة يتم التلاعب بها ( من كل الإتجاهات). تعلمنا فهم الفارق بين ما يمكن تغييره و ما هو خارج عن الإستطاعة ليس لأننا بلا إرادة و لكن لأننا نسعى لتوجيه الإرادة في مكانها الصائب. الإرادة بلا وعي سياسي ينتج عنها ثقافة مشوهة في صورة نخب إتجهت للهتاف لا التحليل. أما البرغمانية هي فن الممكن، لا علاقة لها بأن تقدم رأسك قربانا لهذا أو ذاك. لأنك أنت لست حجارة في يد أحد. و لهذا توقف عن الهتاف للأطراف المتناحرة التي تتعارك مرة و تتصالح مرات على حسابك و اسعى للأستيعاب و من ثم توجيه طاقتك. فالتخلي عن تبني الإيدلوجية السياسية الشمولية أو التخلي عن القناعات الدينية الأصولية لا يعني بالضرورة أن الشخص إنتقل من التعصب للحداثة. لأن التغيير لا يعني التطور، تطور الأفكار يتطلب تغيير طريقة التفكير لا تغيير الأفكار فقط على الرغم أن تغيير الأفكار الشمولية و الأصولية يعد نقلة نوعية لا يمكن إنكارها، لكن تظل نقلة منقوصة إن لم يصحبها قدرة على النقد الذاتي و ليس الإكتفاء بنقد الآخر. هي نقلة نوعية قد تنفجر في أي وقت لتعبر عن عوارها و تمسكها بالإقناع عن طريق التدليس، و التخوين، و لي المعلومات، و في حالات كثيرة غض البصر عن نصف المعلومة، أو البحث عن أدلة و ترك أخرى تماما كما كان يحدث على الجانب الآخر من السور. لهذا نجد بعض الناس التي تنتقد الموروثات، لكن تظل تمارسها في غلاف يبدو حداثيًا. و لهذا تجد الإعلام الجنوبي ينقصه هنا التفكير النقدي و الأحاطه بالبدائل و المقترحات لعلاج القضية، لأن التفكير النقدي يختلف عن مجرد الإعتراض. هذا النص أنتقد فيه نفسي القديمة، جزء من المراجعات التي تجعل الوضع آمن في عدن، و الأمور مستقرة على الرغم من حالة عدم الأمان التي تحل علينا بين الحين و الآخر.