ذات يوم قررت الخروج من المنزل باكرًا في طريقي إلى إحدى الأسواق الشعبية في مدينة إسطنبول.. وهي الوسيلة المناسبة للاختلاط بالناس والحديث معهم وتعود بالنفع لمن يريد فهم المجتمع والغوص في تفاصيله... وصلت إلى أطراف السوق وشهدت حركة تجارية نشطة، أصوات الباعة تتعالى كما لو أني في إحدى أسواق مدينة الشيخ عثمان.. وكالعادة قادني الفضول للحديث مع بائع الملابس الذي باشرني بالسؤال عن مملكتي.. وهنا قلت فرصة للبرتكة مع هذا الرجل أخبرته أني من اليمن، ومتواجد هنا لغرض الدراسة وأردفت عليه بالسؤال هل تعرف اليمن..؟ قال نعم اليمن جميلة.. تفاجأت من رده.. من أين تعرف اليمن..؟ ومن تعرف فيها ..؟ قال (Al-Husi'yi seviyorum) بالعربية أحب الحوثي..! تبسمت في وجهه وقلت له من أين تعرف الحوثي..؟ قال من الأخبار والانترنت وحدثني أن هذا الرجل يدافع عن اليمنين من السعودية.. حاولت إقناعه أن الحوثي يقتل اليمنيين منذ ستة أعوام ويزج بالأطفال لجبهات القتال.. قلت له أرجوك اليمن ليست هذا الذي تتحدث عنه ..هذا الرجل قتل اليمنيين وسيطر على دولتهم وحتى دور العبادة لم تسلم من بطشه وجماعته. لم يرى اليمن في عهدة غير فتح القبور وإصدار الزوامل.. حاولت تعديل بعض المعلومات لديه بما كتب الله عليَّ من مفردات لكني فشلت في اقناع الرجل.. وهنا تذكرت أن المواقع الإعلامية المتعددة التي جندها الكائن القابع في كهوف مران قد آتت أُكلها .. أدركت نجاح الحوثي الذي يمتلك رؤية إعلامية واحدة في مواجهة اعداء متشاكسون لا هدف لهم غير الإنقضاض على بعضهم ..! الحوثي اليوم يمتلك عددًا من القنوات التليفزيونية التي تُبث بعضها من صنعاء في الوقت الذي تعجز الشرعية عن إعادة قناة عدن الفضائية للمدينة بعد خمس سنوات من تحريرها..! تذكرت أنَّ خبرًا صحفي أليم أطل علينا ليلة البارحة ليخبرنى بوقف بث قناة سهيل الفضائية في ذكرى ثورة فبراير العاشرة لدواعي مالية وقد تكون لغير ذلك.. قلت في نفسي ماذا لو أنَّ الشرعية ومن يخالفها _عفوًا أقصد يحالفها_ يمتلكون خطاب إعلامي موحد في مواجهة الخطاب الحوثي الذي بات يتجاوز الحدود .. لكني تذكرت أنَّ من يزحف نحو الموانئ والسواحل ويترك الحوثي يعبث في البلاد لن يهمه إذآ تحقق للأخير نصرًا إعلاميًا .. غادرت السوق بعد حوار مع بائع الملابس وظل الموقف عالق في ذهني ويحول دون عودتي إليها مجددًا لعلّي أجد مُحِبًا آخر لقاتل اليمنيين. ظنين الحوشبي