لا زلت أتذكر كلمة للرئيس المخلوع عندما كان الحديث عن الفساد والمفسدين قال أعطوني اسم فاسد وأحد بدلاً من رمي التهم جزافاً !! قال ذلك بينما كانت البلاد عبارة عن مستنقع فساد ومزرعة تماسيح تأكل الأخضر واليابس ارض ومال وإنسان . تسرق قوت المواطن وتنتهك أمنه وتسفك دمه . قالها وضربنا كفا بكف متسائلين بكل حسرة وألم ما هذا إذن الذي نشاهده ونعايشه ونتجرعه ليل نهار إن لم يكن فساداً وبلاءً فما يكون كنهه ؟ نعم لدينا كل شيء على الورق مبهر وجميل، لكنه في الواقع كارثة. حقيقةً لدينا كم هائل من المعضلات ، ومخزون ضخم من السلبية واللامبالاة ، مواجهات يومية كثيرة مدمرة للمزاج ومشوشة للتفكير ، هادمه للنفس وباعثة على الإحباط والسواد ، تجاوزنا العالم من حولنا في القدرة على التحمل والتكيف والصبر . لا زال همنا كيف نحصل على كهرباء وكيف نشرب ماء نظيف وكيف نسير في شوارع بلا مستنقعات أو أكوام قمامة وكيف نلبي حاجياتنا الأساسية الضرورية من مأكل ومشرب ومسكن وتعليم وتطبيب . لازلنا مكتوفي الأيدي ونحن نرى ونسمع كيف الكهرباء تضرب وكيف أنابيب النفط تفجر من قطاع طرق وزعمائهم يسكنون العاصمة ويفاوضون ، والماء نستخدمه ممزوج بماء المجاري وإذ أتى أقبل زاحفا . شوارعنا تشققت بفعل الغش وبفعل المجاري الطافحة لان من يقوم بذلك مقاول وسلطة اتفقا بتقسيم الغنيمة على حساب الجودة وكانا متشحان بالفساد وممهوران بموت الضمير وغياب المحاسبة ، لم يعرفا شيئا عن الحلال والحرام والولاء والوطن والمستقبل ، لأن كل الكوابح ضاعت وسط كل هذه الانهيارات والخيبات وغياب الدولة ، هكذا يتم الاستمتاع بالممنوع انتقاماً وانتحاراً ، نعم نحن بكل أسف أصحاب أسوأ منتج لتقنين الفساد ، نسكت عليه ونتعايش معه ونشتكي منه ويا ليتنا توقفنا عند هذا الحد بل ذهبنا نبحث له عن مبررات. نعم نشاهد كل ذلك ونحن مكتوفي الأيدي و نذرف عليها دموع الحسرة ولم تعد تنفع كن جميلاً ترى الوجود جميلاً ، لأننا إن لم نستطع أن نكون هذا فكيف لنا أن نكون ذاك ، واكتشفنا أن الجميع أيضا مكتوف اليدين يشكو ويتذمر من رأس الهرم إلى المواطن البسيط ،سلطة أعيتها صناعة الوعود وشعب أرهقته الأكاذيب