الأيام تمر، والليالي تكر، والشهور غربلت جيوب الفقراء، وتأخر المعاشات يعصر أمعاءهم، والذل يحاصرهم من كل مكان، فعزيز القوم لا يجرؤ على مد يمينه ليتكفف الناس، فتراهم كالسعداء، وهم ليس كذلك، تراهم يعيشون حياتهم، ولكنهم في الحقيقة لا يريدون إظهار حاجتهم، ترى أبناءهم يسرحون ويمرحون كأطفال المسؤولين، ولكن جيوبهم فارغة، وأمعاءهم خاوية، فماذنبهم في وطن لا يبالي حتى بأبسط الحقوق، وهو الراتب؟ خمسة أشهر بتمامها وكمالها مرت والعسكريون بلا معاشات، بلا رواتب، لا يجدون ما يسد رمقهم، وحاجتهم، وفقرهم، وذلهم، وجوعهم، ومصيبتهم، وحاجة عوائلهم، مرت الأشهر الشهر تلو الشهر وهي تسحق كبرياءهم، وتجعلهم يقفون على أبواب التجار كالمساكين، فهم آخر من يأخذون حاجتهم من التاجر، لإنهم بدون رواتب، أما المسؤولون فيتسلمون معاشاتهم، ونثرياتهم، وبالدولار، ولم تتأخر يوماً، فلماذا العسكريون في وطني عرضة للمهانة، وقطع معاشاتهم؟ لماذا يا حكومة ((العسكريون)) بلا معاشات؟ أتظنونهم يعيشون على الهواء؟ أتظنونهم يعيشون على رؤيتكم في مكاتبكم تتنعمون بما لذ وطاب، وهم بلا رواتب للشهر الخامس؟ ستة أشهر مرت، وتكاد تنتهي بالتقادم، وهاهي شقيقتها الخمسة أشهر يكاد العسكريون ينسون أن لهم حكومة، ولهم معاشات، ويكاد العسكريون ينسون أن لهم وطناً لهم فيه حقوق، كما أن عليهم واجبات فيه. هل ستلتفت الحكومة للعسكريين، وتسلمهم معاشاتهم كاملة غير منقوصة؟ هل سينعم العسكريون بشهر رمضان كباقي خلق الله؟ هل ستسكمل الحكومة صرف معاشات العسكريين قبل مجيء شهر رمضان، ليتسنى لهم شراء احتياجاتهم لهذا الشهر؟ هل سيكف القادة عن خصم معاشات جنودهم؟ إنها أسئلة تتكرر على الحكومة كل شهر، ولكن الحكومة لا تبالي بالإجابة عن هذه الأسئلة، ونتمنى هذه المرة من حكومة الدكتور معين عبدالملك أن تضع في حسابها أن هناك شريحة من المواطنين صفتهم ((العسكريين)) بلا معاشات منذ خمسة أشهر، فهل ستتذكرهم الحكومة؟وهل ستتنطق للتوجيه بصرف معاشاتهم؟