ليس في الحوثيين ذلك الضعف الذي يمنعهم من إسقاط مأرب بالقوة العسكرية للسيطرة عليها أمام انسحاب قوات الجيش الوطني اليمني إلى ساه وشقرة. ولا يجدون في أنفسهم أدنى حرج يردهم أو يؤخر إقدامهم على ذلك بما لديهم من الرغبة الجامحة في ضم مأرب إلى أراضي الشمال الواقعة تحت حكمهم. وإذا هم التقطوا قبل عدة أسابيع تلميحا أو إشارة ترشدهم إلى أفضل السبل لدخول مأرب يحفظ ماء وجه السلطات والوجهاء والقبائل والعشائر فيها، فهو يكمن عبر اتخاذ قرار سياسي. لكن ذلك القرار تأخر كثيرا مما يحرم الحوثيين من موارد وفيرة كما يظن البعض. بينما العديد يرون أن القرار قد أتخذ إلا أنه غير معلن وإعلانه إنما هو مسألة وقت بإيعاز من سلطات مأرب لتهيئة النفوس والعقول لتتقبله بما يضمن لسلطات جماعة الإخوان المسلمين هناك الخروج الآمن والتسليم السلس للسلطة أو المشاركة الدونية في الحكم مع الحوثيين تخفي رضاها على دخول إيران إلى مأرب، بعد أن كانت الجماعة تطمح وتفضل أن يستولي عليها الأتراك العثمانيون كقوة منافسة لإيران الفارسية. أي اتفاق يبرمه الحوثيون مع المأربيين إنما يهدف إلى تحقيق مآرب الجانبين ويحفظ مصالحهما ويدمجهما في عملية سياسية مشتركة في ربوع الشمال يجنبهما سخط الرعايا يحد من سقوط الضحايا يقلل الخسائر المادية. فالمأربيون وإن حكمتهم إمرأة كانوا أولوا قوة وبأس شديد فإنهم مشهورون بالفطنة والمشورة سرعان ما يتأثرون ويستجيبون للرسائل والخطابات وإن حملها لهم طائر الهدهد، فما بالهم لو أتاهم بها أناس بشر وإن كانوا حوثيين مدعومين إيرانيا. درءا من تفجير صراع بين من يدعون أنهم آل البيت وبين من يدعون أنهم أحفاد بلقيس والنبي سليمان عليه الصلاة والسلام.