منذ ما يقارب الخمس السنوات وكلا من الشرعية والانتقالي يحشد وينفخ كيره تجاه الآخر، لكن ما سر بقاؤهم الاثنين وفي ظل هذ كذا أوضاع تفاقميّة ومزريٍة يشهدها الجنوب خاصّة والبلد عامٌة هذا غير معروف وفيهاك إلى الآن من الحيٌرة الكثير؟. وكما يبد أن المسألة لا تأخذ نمطاً كلاسيكياً من الصراع التقليدي الأعتباري للجانبين لكنها هي بحد ذاتها ذا حداثة متطوّرة تجري إخراجها بترتيبات وإعداد متقن، أبرزها أنها تقوم على كيل من الاتهامات المتبادلة كعمل تشويشي يصعّب من الرؤية الأفقيٌة لما وراء المنظور البعيد إلى القريب، مع ما يتخللها من شد وجذب عادة ما يأخذ احيانا منحنى عسكرياً محض ولكنه لا يؤدي في النهاية على إلغاء دور لأي من الثاني، وليكن هذا بحد ذاته عملاً مكمّلاً يصبُ في الخانة نفسها، والذي أستطاعا بموجبه اي من الشرعية والانتقالي تقسيم الشارع الجنوبي إلى فصيلين متناقضين وليوقفا هما في الوسط كلا يعمل على أحتواء فصيله. وبحسب ذلك لا يألوا جهداً أن يتبعان إلى اللحضة هذه قاعدة من البيانات يجري الأخذ بها حسب الأوليّة وتحديداً منها: أولاً وقبل الدخول في معتركٍ سياسي أن يتم طرح الجميع أرضاً مرغمين ومغمضي الأعين، وليسمح بالنهوض والكل متلزماً حال فتح عينيه بثوابت ومحددات ما سيشاهده في اللوحة المكتوبة التي سيجدها تنتصب من أمامه بشكل واسع وفج ومن هذا المنطلق من القضية الشائكة تلك والتي لا زالت تجري على قدراً من الإثارة التراجيدية ويوماً عن يوم ما نراها إلا تصعد بتبادل الأدوار والمصالح الغامضة بين الطرفين، لكنه إلى الان لم يكتشف سر هذه العلاقة الجدليّة وقد لن تُكتشف بالمطلق إلا في وقتٍ متآخرٍ وحينما تكون قد تحددت ملامح المراحلة القادمة لحضتها لا يوجد فرصة من أحداً حولها بالمناورة والأعترض، وحتما إنها ستضهر على ضوء ما تمليّه الضروف ولوقائع والأحداث، لنراها تسير يومها بزعمها تتبنى أسس ومعايير إخلاقيٌة حساسٌة للغاية، مما يتيح للكل من هم في الحدث التمتع بمضهرها الخارجي ثم التعامل معها ودون النظر في أبعادهِ إن كان ذا تأثيراً إيجابي او سلبي. فكما تعودنا لا يوجد في علم السياسة شيئ أسمه القهر المكتمل او الهزيمة المكتملة وكما لا يوجد إيضا النصر المكتمل، فكل شي أصله من حيث المبدأ نسبي "فالكمال لله كما يقال، وفي أعتى الحروب والمشاكل والمشاكسات التي تحدث عبر التاريخ البشري ما نراه إلا نوع من التنازلات تتحيح لكل طرف من بعد ما يكمل ما لدية من وسائل ضغط أن يتخذ شكل من أشكال التكيّف والتوازن يحافظ به على قدر مقبول من البقاء بين حلفاه وأنصاره. لاشك ومن هذه الزاوية فهي لطرف الانتقالي تمثل أكثر إحراجاً أمام أتباعه ومناصريه منها إلى طرف الشرعية! والسسب في هذا أنه فمن أجل تنفيذ إجنداته ومشروعه أخذ يتبنى هدفاً إعلامياً مدٌعماً بقضية وضحّة وضوح الشمس ليدخل من أجلها وبعدها في العديد من المجازفات الرئيسية والجانبية، وهكذا أصبح الضغط عليه أكثر إيلاماً. فهو من حيث أموراً كثيرة أساسها من غير المرجعيٌة الشعبيٌة الجنوبية لا يمتلك مرجعيات قانونية ودستورية تخوله أتخاذ اجراءات يرسي عن طريقها واقعاً بديلاً يعزز من حضوره في الساحة وعن طريق ما يوفره لحاضنته وشعبويته من خدمات وحياة كريمة، إلا أنه عرّضها وللأسف في الوقت نفسه بشكلٍ مستمر لمرمى خصومه وهو لا يستطع حماية ضهرها من الضربات المتوالية والموجعة والتي تصب عليها غصباً من جهات عده. ما عداه وهو جانب التلويح بالبدائل الممكنة كتهديدات وأنذارات يطلقها بين الفينة والأخرى ولكن إلى هذه اللحضة لا يوجد لها من تطبيق فعلي على الأرض.