لأول مرة في تاريخ المظاهرات السلمية والاحتجاجات يجري تجاوز عتبات مقر الحكومة ولم تراق نقطة دم واحدة ولم تحدث أي أعمال نهب وتخريب للمنشآت والممتلكات وهذا في حد ذاته يعطي انطباعا حضاريا غير مسبوق لابد أن يتم قراءته وتحليله تحليلا أمنيا ودقيقا وفي ذات الوقت الالتفاتة لمطالب المحتجين وحل مطالبهم العادلة . لم يحدث مثل هذا حتى في أمريكا زعيمة العالم الديمقراطي ( الحر )كما توصف . لاسيما وقدرأينا ماجرى من أعمال قتل ونهب وتحطيم وشغب داخل مبنى الكونجرس ( الكابيتول ) في 21 ينائر 2021م . رسالة اليوم رسالة حضارية جديرة بالاهتمام والاحترام معا ( لشعب يريد أن يعيش بكرامة) كما قالت في اجتماع مجلس الأمن ممثلة إحدى المنظمات الدولية . رسالة المحتجين اليوم إلى الحكومة والتحالف ومجلس الأمن الدولي مفادها أن شعب كهذا يمتلك كل مقومات المجتمع المدني العصري المؤمن بالعيش الكريم والعدالة الاجتماعية والكرامة شعب يعشق الحرية والسلام والاستقرار لابد للعالم اليوم وليس غد أن يعيد قراءة مطالب الشعب في الجنوب والشمال بضرورة احترام إرادته وخياراته التي يعبر عنها بأعلى درجات الرقي السلمي والحضاري هنا شعب يتصور جوعا ويعاني معاناة غاية في القساوة والتعاسة قطع مرتبات. تدهور الخدمات غلاء أسعار أزمة مشتقات وكل شي في حياته أزمة ونكد . الوضع الإنساني في اليمن غير قابل للمساومات والمماحاكات اطلاقا وهذا ماعبر عنه السيد مارك لوكوك مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منبها العالم إلى خطورة الوضع الإنساني وتفاقم الحالة المعيشية والخدماتية إلى مستويات مهولة . لأول مرة وسط غضب المحتجين وانفعالاتهم يزورهم وزير حكومي ويقابل بكل تفهم واحترام . وهذا مالاحظناه حين نزل الدكتور البروفيسر عبدالناصر الوالي بكل رباطة جأش وثقة إلى وسط المحتجين ليتفاهم معهم بكل احترام و تقدير وشعور بالمسؤولية . لأول مرة نسمع تصريحا حكوميا مسؤولا يقول كلاما عقلانيا رصينا يحترم إرادة المحتجين ولايجرمهم . لأول مرة تتصرف الأجهزة الأمنية بحكمة وعقلانية دون شيطنة المحتجين . لأول مرة رجال جيش وأمن من المتقاعدين والمبعدين يرفضون الانزلاق إلى العنف ويعبرون عن مطالبهم بأكثر من صورة وطريقة سلمية وحضارية .