يامن أتقاسم معهم الحزن هذا، والألم، و مرارات العيش وقسوته التي فُرضت علينا قسراً من بشراً، جاءونا على هيئات وحوش قذرة، طالوا رقابنا وما كان لهم أن يطالوها لولا أن مكنهم منها أرذلنا.. أنني أكتب إليكم رسائلي هذه ليس كمن يتسلى بحبراً على ورق أو كمن يكتب عبثاُ من أجل الكتابة أومن أجل الشهرة كما يحب أن يتهمنا أصحاب العقول الخائبة والنفوس المريضة.. أنني أكتبها بدماء قلبي المكلوم من ما أنتم فيه وأنا..بالدماء التي تنزف حزناً على ما يجري لي ولكم ولكل شبراً في الوطن، لا أكتبها كرهاً في احد ولا خوفاً من احد ولا مدفوع أو أجير كالكثير ممن يقبضون ثمن. ألم يحن بعد أن نقف وقفةٌ جادةٌ مع أنفسنا لنبحث سر هذا التخبط والعثرات والتراجع!.. التي جاءت بعد إن كان القطار يمشِ بالسرعة المطلوبة .. بعد أن كدنا أن نصِل إلى وجهتنا المرسومة .. لما لا نعترف أن هناك شيئاً قد حصل!.. نشعر فيه وأنتم أيضاً تشعرون !.. أنظروا بتمعن وأعطوا من وقتكم ولو القليل للتفكير والتأمل في وضعنا هذا في أمرنا هذا الجلل.. الذي بات يقوض طمأنينتنا ويقض مضاجعنا..حيث أصبحنا نهتم بالفرد وننسى الوطن..لماذا لا نسأل أنفسنا بعد التوقف المفاجئ ماذا حصل؟ .. من أين الخلل؟.. لماذا ندور في الحلقات المفرغة طوال هذه المدة، ونبحث عن خلل في العربات الخلفية والخلل موجود في الرأس أصلاً؟؟؟ .. لماذا نستجيب للأشخاص لتفرقنا مرةٌ أخرى بعد أن جمعنا الألم والمعاناة وحب الوطن ؟؟ .. الأسئلة تتزاحم ولا يدري المرء من أين يبدأ ومن أين ينتهي!! ولكن يبقى أهمها متى سنعود إلى مليونيات الوطن وننأى بأنفسنا عن مليونيات تقديس الصنم؟؟.. هناك أمور كثيرة وتغيرات كبيرة في سلوكنا الثوري تحتاج إلى مراجعة.. كم نحن بحاجة إلى أن نكون صادقين مع أنفسنا وواضحين لا ننافق ولا نجامل ولا نفضل احداً على احد.
أنني أعيش ويعيش كثيرون مثلي في حالة ترقب وتوجس وحذر، من ما تحمله لنا الأيام القادمة في حال لم نتداركها ونستوعب ما نحن فيه من خطر .. أخاف كلما رأيتكم تستحضرون أصنامكم من الماضي العتيق، وما تلاها من أصنام العهد القريب ،وتعيدون ترميمها في الوقت الذي يحطم الجاهلين فيه أصنامهم.. أخشى أن يضحك عليكم الجاهلين فتقفزوا إلى أسفل سلم الجهل، وتصبحوا أجهل الجاهلين أمام هذا العالم، وهذه التطورات المتسارعة كل يوم .. بعدما كنت أظن أنكم قد تجاوزتم هذه المرحلة التي هي وحل عربي بامتياز!! كم هو شعوري بالفخر كلما أخرجكم القهر والظلم واجتمعتم .. كلما اكتظت الساحات بكم و كلما رأيتكم تزحفون دون كلل، وتصبرون دون ملل، وتقهرون الأعداء بثباتكم، وعزيمتكم، وإصراركم.. ولكن بنفس الوقت يجتاحني الشعور بالخجل غصب عني، عندما أراكم ترهقون أنفسكم بمناجاة الماضي وعفونته، وتهتفون له بأعلى أصواتكم، وتحملون صور رموزه على أكتافكم، وكأنكم لا تريدون مغادرته، ولا تريدون الدخول في العهد الجديد الذي طالما حلمنا به وتمنينا إليه أن نصل!! .. نعم يسيطر عليّ الشعور بالخجل ويفسد فرحتي بهيبة المنظر الذي ترسموه بإبداعكم في الساحات، كلما سمعتكم تهتفون للأشخاص وتمجدونهم أكثر من الوطن..