في الأسبوع الماضي كتبت مقالاً حول البصمة بعنوان (لعنة القدر بمليون توقيع) ولأهمية الموضوع عدنا للكتابة فيه . وفي البداية أشكر كل من علق على مقالي السابق ، المحبُ منهم والكاره ، لأنهم قرءوا ماكتبت ، وشاركوني رأيهم ، ثم أجزل الشكر والثناء لمن خالفني الرأي ، لأنَّه أثرى الموضوع برأي آخر . وتقديراً لهم كتبت هذا المقال تعقيباً على تعليقاتهم في عدن الغد الالكترونية وعلى صفحتي في الفيسبوك واتصالاتهم ورسائلهم عبر الجوال . فأقول لمن أساء لي سامحك الله ، ولمن هدَّدني فليهدك الله إلى مايحبُّه ويرضاه . ولكن من بين الاتصالات كانت لأُناس يبحثون عن حلول ، قال أحدهم لقد بدأنا بالحملة ولا يمكننا التوقف ، فهل تقدم لنا حلول أم تشارك في إفشالنا وفي اعتقادي لايوجد جنوبي حرّٰ يرضى أن يكون شريكاً في افشال جنوبي آخر ، لأنَّه اجتهد وقدم عملاً ينشد من ورائه خدمة الجنوب ، ولو كان ذلك العمل فيه الخطأ لقدم له النصيحة . وحيث أنَّ حملة البصمة قد انطلقت "أمر واقع" فمن غير المجدي انتقادها ، أو الاسهاب في شرح تداعياتها ، لأنَّ فشل الحملة سينعكس على الجنوب وليس على من دعى إليها . وتحت قاعدة سعد بن عبادة رضي الله عنه ((إنما أنا أُمرؤٌ من قومي)) فليس للجنوبيين إلَّا العمل على انجاح الحملة بشتى الوسائل .
وإنجاح الحملة لايكون إلَّا بالإجابة على السؤال التالي : لمن ستُسلم الوثائق المبصوم عليها بعد انتهاء الحملة ؟؟ فهذا السؤال هو مفترق الطرق الذي تسير به الحملة - طريق النجاح الحقيقي - طريق النجاح الوهمي - طريق الفشل . وبدراسة متأنية للوضع ، تجلَّت أمامي ثلاثة خيارات ، قد تخرجنا من اللغط القائم ، وتُعزِّز الحملة وتوسع دائرة المشاركة . والخيارات هي :- ((إمَّا)) احتفاظ اللجنة المنظمة للحملة بكامل الوثائق ، فلا تسلمها أو حتى نسخة منها لأي رئيس أو زعيم أو قيادي . والإعلان اليوم أنها ستسلمها لهيئة رئاسة أول مؤتمر جنوبي جامع ، يشارك فيه جميع الرؤساء والوجهاء والقيادات والمكونات . ((أو)) تسليمها للدكتور العقيد عبدالله أحمد الحالمي ؛ بصفته المؤسس الأول للثورة الجنوبية والاستقلال ، والرجل الذي ترك الساحة ولم يُسمع عنه أنَّه سعى لمنصب قيادي ، أو طلب شكر أو مكانة ، ولم يدخل في أي صراع أو خلاف . فتحفظ الوثائق لديه ليسلمها للقيادة الجنوبية الموحدة عند الاتفاق عليها. ((أو)) تسليمها للرئيس البيض بصفته اليوم القائد الجنوبي الحائز على أكبر التفاف شعبي . ولكن مايُسرب من أخبار تقول بعزم القائمين على الحملة تسليم كل قيادي جنوبي نسخة من الوثائق . ويقول آخرون ستسلم للهيئة الشرعية . واعتقد أن هذا العمل سيكون كارثة على القضية الجنوبية ، وهو ماحذرت منه في مقالي السابق . فحتى اليوم لدينا قيادات متصارعة بدون أي قاعدة شعبية ، ولا حتى شرعية بالمجاملة المناطقية ، فإذا اصبحت بصمات الشعب بأيديهم ، فذلك يعطيهم شرعية شعبية ، موقَّعة ومبصَّمة لايحلمون بها ، ولانستطيع نزعها منهم إذا أساءوا استخدامها ، وبذلك تتسع الهوَّة بينهم ، وتتحول الحرب بينهم من باردة إلى غير ذلك , ومن حرب داخل الحراك إلى حرب على أبواب دول العالم عنوانها "أنا أمثل الجنوب وهذا طلب الشعب بيدي". أمَّا الطرح الثاني "تسليم الوثائق للهيئة الشرعية" فاعتقد أنَّ ذلك سيضع الهيئة الشرعية في غير موضعها ، فبعد أن كانت هيئة دينية استشارية حوَّلناها إلى هيئة قيادية تنفيذية ، وبذلك نكون ادخلناها مستنقع الصراع ، وستكون هدفاً للرماية حتى تسقط .
ختاماً ؛ خلاصة ماأريد قوله للناس في مقالي هذا والمقال الذي سبقه ،، أنَّنا لو أبعدنا هذه الوثائق عن المتصارعين ، سوف ندفعهم قسراً للقاء والاتفاق , وسوف تقصر مرحلة صراع الكراسي بينهم ، أما لوتم عكس ذلك , فنكون بذلك دعمنا صراعهم ، بل واستحال اللقاء بينهم والاتفاق على مايفيد الوطن . ورأيي في الحملة هو ماطرحته في مقالي السابق ، أننا لم نكن بحاجة لها نهائياً , لأنَّنا تجاوزنا المرحلة ، وقد قدم الشعب الجنوبي ماهو أكبر من البصمة ""دماء الأبطال"" وبما أنَّ البصمة قد أصبحت أمراً واقعاً فكلنا مع البصمة ولكن لمن ستسلم بصماتنا وسيتحدث نيابةً عنَّا.