شهر رمضان الكريم الحالي يكون الثالث منذُ انطلاقة الربيع العربي نهاية العام 2010م من تونس الشقيقة وخلال هذه الفترة شهدت بلدان الربيع العربي الثوري ان جاز لنا التعبير من وجهة نظر شخصية كون الأمال التي تطلعنا اليها لم تتحقق ولو بنسبة 30 -40 % لأن المشهد العام في تلك البلدان لازال يراوح بين العنف والتطرف وعدم الأستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والأجتماعي وهذا يعود الى ضبابية المشهد وتوجه القوى السياسية بكافة اطيافها وبالذات الحاكمة الى أحتكار كل شئ وهذا لم يكن من اهداف الربيع العربي قط كون الربيع العربي انتفض ضد الأنظمة السابقة المحتكرة للسلطة والثروة التي كانت تحقق الأستقرار بطريقتها الخاصة للحفاظ على ديمومتها . سقط زين العابدين في تونس ولحقه محمد حسني مبارك في مصر ثم العقيد الليبي معمر القذافي وأيضاً علي عبدالله صالح في اليمن ثم تحركت الأنظار نحو سوريا وقامت الأنتفاضة السورية التي تحولت الى حرب دامية بين النظام السوري وقوى معارضة تساندها قوى اقليمية ودولية ليست لها علاقة بالثورية بقدر علاقتها الأنتقامية كما يبدو من النظام السوري وللأسف لازالت الحرب مستمرة حتى يومنا هذا ولو حاولنا ان نتساءل عن الأسباب الكامنة وراء عدم الاستقرار العام في بلدان الربيع العربي وهل هناك قوى محلية وراء تلك ذلك ( الفلول أو بقايا الأنظمة السابقة ) التي فشلت في حماية نفسها وهي في عز مجدها وقوتها وهيلمانها ؟ أم ان هناك قوى اقليمية ودولية هي السبب حيث تتنازع على فرض مصالحها ومخططاتها في تلك البلدان وما ان اختلفت تلك القوى حتى نقلت اختلافاتها على واقع تلك البلدان دون مراعاة للضمير الأنساني ومصالح الشعوب وخياراتها في الحرية والاستقلال والعيش الكريم ؟ ... وندعوا القارئ الكريم الى متابعة وسائل أعلام تلك القوى وتصريحات سياسييها تجاه الاوضاع الحاصلة في تلك البلدان !!!!! .
يعني ثلاث سنوات وثلاثة رمضانات والحال يتجه من سئ الى أسوأ ... حروب ودماء وقتلى وجرحى وجلهم من الشباب والمواطنين البسطاء الحالمين بحياة كريمة وحرية وعدالة ومعيشة كريمة بينما الرموز الكبيرة ظلت محرضة ومتفرجة وتعيش حياة البذخ والتدليس والتنفير والأقصاء فيما بينها والنتيجة ان الشعوب هي الخاسرة في كل الحالات ، ووصل الحال ببعض الناس يتحسر على الماضي وهو الماضي الذي ثاروا عليه كون الوارثون طلعوا أسوأ من السابقين في سياساتهم وممارساتهم وصراعاتهم .
كثير من الشباب اصبحوا يتطلعون الى ثورات جديدة تقتلع كل مايتعلق بالماضي ولكن من دون دماء ولا حروب ولا ارهاب ولا أقصاء وكنا نتمنى ان تتأسس على تلك الثورات قاعدة البناء الحقيقي لدولة النظام والقانون بحيث يجد الشباب فرصتهم في قيادة اوطانهم عوضاً عن تلك الرموز التي شاخت جسدياً وفكرياً وابتعدت بممارساتها عن الحاضر والغد بل ظلت تسترجع الماضي وتعمل على أساسه وبما يحفظ لها مكانتها في الحياة العامة كقادة يستحيل تجاوزها وللأسف تلك عادة عربية متأصلة في الفكر العربي السياسي .
لقد أصبح الدم العربي بالنسبة للعربي أرخص من حبة سيجارة أو قلم والقلم مكروه عند العرب وفي كل يوم بل وفي أشهر الحرام وشهر رمضان لا حرمة للدم العربي وما أسهل قتل العربي سواء من أخيه العربي أو من غير العربي وكأنه كُتب على العرب أن يظلوا في حالة عداء مستمرة وقتل وفقر وتخلف وبطالة ثم نستمر في الإدعاء عن النخوة العربية والحكمة والأخوة وووووو والواقع كما يقول اننا مجرد شعوب متناحرة وطوائف متناحرة في كل بلد عربي ... والمصيبة اننا نتقاتل بأسم الدين والحرية والأستقلال والأستقرار والسيادة ولو احصينا عدد الضحايا العرب بسبب التنابز العربي لوجدنا كم نحن العرب متخلفون وعدوانيين فيما بيننا وكم نحن عشاق للدم العربي ؟؟؟؟؟.
وكما نعرف ان الشياطين الحقيقية تتصفد في شهر رمضان ولم نكن نعرف ان شياطين الأنس هي التي تعبث بشهر رمضان وتتجاوز في اعمالها اعمال الشياطين الحقيقيين الذين يقدرون حرمة ورمزية هذا الشهر حيث يتوقفون عن ممارسة اعمالهم على عكس شياطين الأنس الذين لا يحرمون أي شئ في كل الأزمنة والأمكنة .