قتل أوباما بن لادن، فترأس الظواهري تنظيم القاعدة، وبات يصدر أوامره إلى ناصر الوحيشي مؤسس التنظيم في الجزيرة العربية. ورغم نشوة الرئيس الأميركي بانتصارات مدعاة على "الإرهاب" يأتي إغلاق عدد من السفارات الأميركية حول العالم أكبر دليل ليثبت عكس ذلك. تباهى الرئيس باراك أوباما في غمرة حملته الانتخابية خلال العام الماضي بأنه وضع تنظيم القاعدة "على طريق الهزيمة"، بحسب تعبيره وقتذاك. وبعد أقل من عام على ذلك الإعلان، يبدو تنظيم القاعدة متجدد الحيوية وخطيرًا كعهده. يكفي للتدليل على ذلك غلق 19 سفارة أميركية من شمال أفريقيا مرورًا بالشرق الأوسط إلى أفغانستان وبنغلاديش.
وأثارت التطورات الأخيرة تساؤلات عمّا إذا هُزم تنظيم القاعدة حقًا، كما أشار أوباما، أم إنه يشهد نهوضًا جديدًا. ويرى محللون أن تنظيم القاعدة لم يتكبد هزيمة بفشله في استهداف الولاياتالمتحدة بأي عملية كبيرة، ولكنه تغير، بطريقة تجعله أقل خطرًا على الداخل الأميركي، لكنه أشد خطرًا على الأميركيين في الخارج، وخاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا.
الظواهري يأمر الوحيشي وبعدما كان تنظيم القاعدة عالميًا، فإنه اليوم تنظيم محلي، بحسب هؤلاء المحللين. على سبيل المثال فإن تهديد السفارات الأميركية تركز على عواصم في الشرق الأوسط، وخاصة اليمن، حيث تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية يقاتل حكومة تدعمها الولاياتالمتحدة.
اتسمت هجمات أخرى نفذتها فروع القاعدة بالطابع المحلي نفسه، سواء في مالي أو الصومال أو باكستان. وحتى في ليبيا يبدو أن الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي خلال العام الماضي كان يرتبط بصراعات داخلية على السلطة، وليس بمخطط دولي أعده ورثة أسامة بن لادن.
في حينه أعلن أوباما "أن القيادة المركزية لتنظيم القاعدة قشرة من التنظيم السابق". وأضاف "إن من تبقوا من عناصر يمضون وقتهم يفكرون في سلامتهم، وليس في التآمر ضدنا".
لكن أوباما كان مخطئًا، كما لاحظ مراقبون، مشيرين إلى أن العقل المدبّر للمخطط، الذي أدى إلى غلق السفارات وإجلاء الدبلوماسيين الأميركيين، كان أيمن الظواهري، خليفة أسامة بن لادن، الذي "أصدر أوامر واضحة" إلى ناصر الوحيشي مؤسس تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية.
وفي حين أن الرئيس أوباما قال إن الولاياتالمتحدة وضعت القيادة المركزية لتنظيم القاعدة "على طريق الهزيمة"، فإن المخطط الذي وصفه المسؤولون الأميركيون بأنه الأخطر منذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر، كان بتوجيه من رأس هذه القيادة المركزية تحديدًا، وأن الوحيشي كان سكرتير بن لادن الشخصي، وهذا يؤهله للعضوية في "القيادة المركزية".
سفسطة "أوبامية" الأكثر من ذلك أن صحيفة واشنطن بوست كشفت أن الظواهري قرر أخيرًا تعيين الوحيشي، ليكون الرجل الثاني في تنظيم القاعدة. واتهمت صحيفة واشنطن بوست أوباما ب"السفسطة" لمحاولته التمييز بين "القيادة المركزية" لتنظيم القاعدة وتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية بقيادة الرجل الثاني في القاعدة.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن الباحثة في معهد أنتربرايز الأميركي كاثرين زيمرمان أن عضوية القيادة المركزية لتنظيم القاعدة لا تتطلب أن يكون العضو في باكستان، لافتة إلى أن أعضاء القيادة المركزية للقاعدة تنقلوا حول العالم من السودان في التسعينات إلى أفغانستان قبل هجمات 11 أيلول/سبتمبر. ويعمل العديد من أعضاء القيادة المركزية لتنظيم القاعدة الآن في أنحاء العالم، بما في ذلك اليمن.
لكن أوباما يصرّ على التمييز بين "القيادة المركزية" لتنظيم القاعدة وفرعه في الجزيرة العربية، لأنه يريد أن يرى نهاية للحرب على الإرهاب، التي قال إنها حرب "بلا حدود". وجعل أوباما نيته هذه واضحة في خطابه الذي ألقاه في كلية الدفاع الوطني. فهو يريد الانسحاب من أفغانستان، وإنهاء الغارات التي تشنها طائرات أميركية بدون طيران، وإلغاء التخويل باستخدام القوة العسكرية الذي أصدره الكونغرس بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر.
ولكنه لا يستطيع أن يعلن نهاية الحرب على القاعدة ما لم تكن قيادة التنظيم المركزية "على طريق الهزيمة"، بحسب صحيفة واشنطن بوست، مؤكدة أن تنظيم القاعدة هو القاعدة، سواء أكان قيادة مركزية أو فرعها في الجزيرة العربية أو العراق، وإلى أن يُهزم تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، لن تُهزم قيادته المركزية.