كمواطن جنوبي أؤمن بقضية شعب الجنوب في نيل الحرية , لا أولي إهتماماً كافياً بقضايا اليمن , عدا تلك التي يتم فيها حشر إسم الجنوب من قِبل قوى شمالية , وبما قد يؤثر سلباً أو إيجاباً على قضية الجنوب . مؤخراً طرأ على الساحة الإعلامية مصطلح لكيان يُقال أنه قيد التأسيس ( الحراك الشمالي ) يتزعم الدعوة إلى تأسيسه سياسي يمني وسفير سابق في سوريا " عبدالوهاب طواف .
وبالنظر إلى سيرة الرجل المتزعم هذه الدعوة , والمُبررات التي يسوّق بها لمشروعه , والأهداف الخفية الكامنة وراء دعوة كهذه , وحتى إطلاق تسمية لدعوته مماثلة لمُسمى الحركة الوطنية الجنوبية " الحراك الجنوبي ", نجد ما يدعو للريبة ووضع علامات الإستفهام أمام هذا الدعوة ؟ بالنظر إلى تاريخ الرجل وتقلباته السياسية , نجدها سنوات حظي فيها بنعيم علي صالح فيما مضى , وزاد في فترة لاحقة أن نال رضا الأولاد , وحالياً يحظى بقرب وثقة ودعم الجنرال العجوز علي محسن , وفي فترة وجيزة حاول التقرب من عبدربه منصور ومدح فيه قدرته على إدارة حكم اليمن , عله بذلك يستعيد ما كان عليه في السابق " تعيينه سفير في سوريا " .
الأسباب التي دفعت هذا الرجل للجهر بدعوة ما اسماها تحرير الشمال من الجنوبيين , على الرغم من مناقضة الواقع لها , هي أسباب زرعت بذرتها المصلحة الشخصية الخاصة به , وغذتها شخصيات ترى في سياسة عبدربه منصور خطر يهدد مصالحها , ونمّتها الرغبة في ضرب أكثر من عصفور بحج واحدة , بالنسبة للقيادات النافذة التي تقف في السر خلف متزعم هذه الدعوة .
جميعنا يعلم سياسات عبدربه منصور التي قلصت إلى حد ما من النفوذ العسكري للقيادات العسكرية النافذة , التي كانت ترى أن ما تحت تصرفها من قوة هي ملكاً لها , لا يمكن التفريط بها , وهو الأمر الذي أدى إلى تعاظم الخلاف بين الجنرال ورئيسه , وتحول هذا الخلاف إلى عداء مبطن يحمله الجنرال لرئيسه .
هناك شبه قناعة عند النخبة العسكرية الشمالية المتنفذة , بأن الحراك يحظى بدعم خفي من عبدربه منصور , وهذا ما تومئ إليه شخصيات مقربة من هؤلاء العسكر في مناسبات عدة , وآخر ما صدر عنهم من إيماءات موجه لعبدربه منصور بخصوص هذا الشأن ما تطرق له القاضي والوزير حمود الهتار , والمحامي خالد الآنسي , في تعليقاتهم حول العرض العسكري الجنوبي , وهما من الشخصيات المقربة من علي محسن وحميد .
وقد ترى القوى النافذة في إطلاق دعوة شبيهة في مسماها لمسمى الحراك , وتنادي بذات الأهداف التي يُنادي بها الحراك " الإنفصال " من منطلق أن الجنوبيين يحكموا صنعاء , فرصة في إحداث لغط فيما يحدث في جنوب اليمن , والتشويش على القضية الجنوبية أمام الرأي العالمي .
ويُبرر هذا الرجل لدعوته بمبررات يناقضها الواقع جملةً وتفصيلاً , فمن يقرأ صفحته على الفيسبوك , يلاحظ مدى الطرح الوقح والمُزيف الذي يًصور فيه ما فعله الجنوبيين بالشمال ! أبقى على كل ما فعله الشمال " دولة وقيادة وعسكر ومشائخ " بالجنوب , استبدل فقط تموضع الطرفان في كل ما حدث , جعل من الشمال الطرف الضحية ومن الجنوب الجلاد !.
يُلاحظ أن الهدف الأهم من إطلاق دعوة كهذه محاولة إضعاف الحراك الجنوبي , فهم يريدون محاربة الحراك الجنوبي بذات السلاح الذي يحاربهم به " إدعاء المظلومية ,وكذلك إثارة الجلبة حول دعوته , وسحب البساط من تحت أقدام الحراك الجنوبي , والتشويش على قضيته , ونزع ثقة الجنوبيين بأنفسهم وبثورتهم , فهي أشبه بحرب نفسية يقودها ضد الثورة الجنوبية والجنوبيين , بنسبه كل أفعال الشمال بعد الوحدة إلى الجنوبيين في تزييف فاضح للحقيقة , ومحاولة إيهام الراي العالمي بان للجنوبيين افعال ضد الشمال تناساها العالم وما هذه الدعوة إلا لإظهارها والتصدي لها . وكذلك من أهداف هذه الدعوة التمكن من عبدربه منصور هادي بطريقة و بأخرى والضغط عليه لإثنائه عن المضي في قرارات الهيكلة العسكرية التي تفقدهم مصالحهم بشكل كبير .
ما يجب علينا كجنوبيين تتعرض ثورتنا إلى تجاذبات عدة , ألا نحاول صنع جلبة إعلامية حول هذه الدعوة , لأننا بذلك نخدمها في سعيها لتحقيق أهدافها عن غير قصد . ولنتركه يسبح في ترهاته , فإدعاءاته واقواله المنافية للواقع لا تستدعي الرد أو التعليق أو المناظرة .
ويبقى السؤال الأهم , لماذا تسكت القيادات العسكرية الشمالية النافذة عن دعوات هذا الرجل ؟ ولا نسمع لها إستنكاراً أو إتهامات كما كنا نسمع ذلك ضداً على الحراك الجنوبي ! أليس من الأولى أن يمنعوا صاحبهم عن ما يسمونه تفتيت اليمن .