لمياء السويلم هل يفترض من المرأة العربية في نضالها من أجل حقوقها أن تعتبرها قضية خاصة، أم يفترض أن تدرجها ضمن المطالب العامة بالحقوق؟ يحضر هذا السؤال بشكل مفصلي في موسم الثورات العربي، حيث نشط الحديث عن ثقافة الحقوق وأصبحت حالة من النقاش العام. لقد أشعلت فكرة الوصول للحكم ومن ثم التشريع وسن القوانين الكثير من الأسئلة عن مكتسبات المرأة وخسائرها، وتفاوتت المخاوف على حقوق المرأة بقدر ماتفاوت الأمن في الشارع من بلد لآخر.
لا زال مبدأ الأولويات يشكل ثقلا في الثقافة العربية، ولا زال وهم القضايا الكبرى يسيطر على الإنسان العربي، ومازالت الحياة الخاصة والحريات الشخصية في أضيق حلقاتها، ولا زال الانتصار لمفاهيم الفردانية والاستقلال الشخصي ضعيفا جدا على كل المستويات، ولهذا جميعه تبدو حقوق المرأة هي أضعف الحلقات اليوم، كما هي دائما.
المشهد هنا لايتوقف على مصطفى عبدالجليل الذي أعلن أول انتصارت الثورة الليبية في إلغاء حضر قانون منع تعدد الزوجات، بل امتد إلى نية أحد مرشحي الرئاسة في مصر حازم أبو اسماعيل العمل على فرض الحجاب على جميع نساء مصر. فوز الاسلاميين كأحزاب سياسية تحمل فقهها الذكوري اجندة عمل أولى هو ليس الخوف الوحيد على حقوق المرأة، فالمسألة ترتبط في محاولات تهميش وتحييد النضال الحقوقي المستقل للمرأة، وتصويره على أنه مجرد نضال نسوي معزول في قضيته ولا يتسع في أفقه لهموم السياسة وعناوينها الكبرى.
هنالك ميل واضح إلى عزل المطالبات المستقلة في قضية حقوق المرأة بأنها ليست أولوية ولا تعنى بالهم العام فهي مشغولة بالحجاب وحرية رأسها عن الفساد وسرقة المال العام.. تصوير حقوق المرأة في السفور والحضانة والمساواة في الارث على أنها مجرد تفاصيل صغرى لا يجب الانشغال بها هو مايثير السؤال عن حقوق المرأة تراها قضية خاصة أم لا؟!
نساء تونس يعلن رفضهن التهميش وحدها حقوق المرأة تتم محاربتها بشكل علني من الاسلاميين المتطرفين من جهة، ووحدها أيضا يتم تأجيلها كحقوق ثانوية لا تناسب حرارة الثورات وسقوط الأنظمة، ومن جهة أخرى تبدو حقوق المرأة ناشزة على العرف ومن ثم يسهل تغريبها واتهامها بالدعوة الى الانحلال الأخلاقي، بينما يأخذ المطالبون بالحقوق السياسية وهج البطولة القومية لمجرد اعتقال ستة أشهر.. الثقافة العربية في الحقوق لازالت تقتطع من حقوق الإنسان العالمية وتتقاسمها كإرث عائلي، تقبل ببند دون آخر، وتدعي كل ذلك باسم المناسبة للشريعة أو المناسبة للثقافة المحلية.
في السعودية مثلا، تحضر المرأة في مطالبها على الخط الأدنى من الحقوق، فالمرأة السعودية مثلا لا زالت محكومة بتقاليد وفتاوى تقيد خطوات قدميها، من المحرم في السفر إلى ولي الأمر في المستشفى وفي الوزارة وفي عقد النكاح، من فتوى تحريم قيادة السيارة إلى فتوى تحريم بيعها للمستلزمات النسائية. إن نضال المرأة في هذه المطالب لا يمكن بأي منطق انساني اعتبارها ثانوية مقابل العناوين الكبرى، ومع ذلك هنالك من يحاربها بخطاب متشدد دينيا.
القرار الأول بالانتخابات البلدية ثمّن كخطوة مرحب بها للرجال، بينما القرار الثاني بدخول المرأة لهذه الانتخابات وجد التسفيه بعدم جدواها وأن المرأة تفرح لمكتسبات وهمية .
الأمثلة التي يمكن أن تطرح لمحاربة نضال المرأة كثيرة ولا تنتهي ، لكن السؤال المفصلي هو عن خصوصية حقوق المرأة كقضية، هل فعلا تأمن المرأة على حقوقها بيد الأحزاب السياسية في الوطن العربي، فلا تخشى أن تطوى كملف لا يناسب المرحلة الراهنة طرحه ليوضع في الأدراج التاريخية!؟