كشف المحامي اليمني "عبدالمجيد صبره"، في منشور على حسابه في فيسبوك، عن شهادات صادمة توثق تعرض أربعة من موكليه المعتقلين لدى جهاز الأمن والمخابرات التابع لمليشيا الحوثي، لأشكال مروعة من التعذيب الجسدي والنفسي، وسوء المعاملة اللاإنسانية، والاحتجاز القسري الذي استمر لثماني سنوات دون محاكمة. وأشار صبره إلى أن المعتقلين الأربعة - نور الدين الغيثي، زياد الشفق، عمر الصباحي، ورمزي آل داوود - اختُطفوا خلال عام 2017 من منازلهم وجامعاتهم في محافظة إب، ونُقلوا لاحقًا إلى العاصمة صنعاء حيث ظلوا محتجزين دون تهم واضحة، قبل أن يُقدّموا إلى النيابة في يوليو 2024، بعد نحو ثمان سنوات من الإخفاء القسري.
وفي إفاداته للنيابة، روى المعتقل نور الدين الغيثي تفاصيل تعذيبه قائلاً إن محققي الجهاز قاموا بتعليقه في الهواء باستخدام "الونش"، مع ضربه وتقييده وتهديده بالقتل، قبل إجباره على التوقيع والبصم على أوراق لا يعلم محتواها. وأكد أنه حُرم من الرعاية الصحية وتعرض لفقدان تسعة من أسنانه بسبب الإهمال الطبي.
أما الطالب الجامعي زياد الشفق، فذكر أنه تعرض لصنوف وحشية من التعذيب، بينها الضرب بأعقاب البنادق والكيابل، والصعق الكهربائي في مناطق حساسة من جسده، وكسر أنفه، والتعليق ب"الشواية"، والحرق بالسجائر، والاحتجاز القسري في خزان مياه أرضي لمدة سبعة أشهر، ضمن أربع سنوات ونصف من الإخفاء القسري الكلي، ما أدى إلى تدهور في صحته النفسية والجسدية، خصوصًا في الكلى والنظر.
من جهته، تحدَّث عمر الصباحي، وهو شاب في العشرينات، عن اختطافه أثناء خروجه لصلاة العصر، واقتياده إلى مكان مجهول حيث وُضع في "خزان مياه أرضي" لمدة أربع سنوات وستة أشهر في ظروف غير إنسانية، مما سبّب له أمراضًا مزمنة في النظر والسمع والبواسير والروماتيزم.
وأكد الصباحي أنه أُرغم على التوقيع على أوراق بيضاء وعلى إعادة قراءة نصوص مكتوبة صُوّر وهو يتلوها وكأنها اعترافات، مشيرًا إلى أنه ظل مخفيًا عن أهله والنيابة طيلة فترة احتجازه، ولم يتم إبلاغه بأي تهمة حتى يوليو 2024، معتبرًا أن هذا تغييب متعمد يستهدف طمس الحقائق وإطالة أمد المعاناة.
المعتقل الرابع، رمزي آل داوود، رفض التحقيق أمام النيابة، مؤكدًا أنه "مخفي قسريًا منذ ثمان سنوات"، حيث تم اعتقاله ولم يكن بحوزته سوى مسبحة فقط، موضحًا أنه لا يعلم سبب اعتقاله، وأنه لم يُمنح فرصة حقيقية للتواصل مع أهله أو توكيل محامٍ.
وتطرّق المحامي صبره إلى ما وصفه ب"تزوير محاضر الضبط"، موضحًا أن عدداً من المعتقلين أكدوا أن تواريخ الاعتقال، والمواقع، وحتى المضبوطات المذكورة في المحاضر، لا تمت للحقيقة بصلة.
ولفت المحامي إلى أن أربعة من المتهمين في ذات القضية سبق إطلاق سراحهم في صفقات تبادل أسرى خلال عامي 2020 و2021، وهو ما يُثير التساؤلات حول جدية الاتهامات وشرعية إجراءات الاعتقال والمحاكمة.
وأكد أن ما تعرّض له موكلوه يمثّل انتهاكًا صارخًا للقوانين اليمنية والدولية، ومنها المادة الرابعة من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، التي تنص على "لا عقوبة إلا بعد محاكمة"، ووجوب كفالة حق الدفاع.
ووجه ناشطون حقوقيون، في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، دعوة إلى كافة المنظمات الحقوقية والجهات القانونية إلى التضامن مع هؤلاء المعتقلين وغيرهم من ضحايا التعذيب في اليمن، ومحاسبة مرتكبي جرائم التعذيب والانتهاكات الجسيمة ضد الإنسانية.