ما جعلني أتطرق من جديد لهذا الموضوع، هو ما أُثير من ضجة في الإعلام العربي والغربي عن الادعاءات، التي تبين أنها كيدية وملفقة، وتعتمد على تقارير صحفية أجنبية كاذبة، وأن وراءها أشخاصا من داخل المنظمة يستهدفون تشويه سمعة قطر. للأسف! نعم أقولها وبحسرة: للأسف!! وكما يقال في الأمثال عندنا (زاد الطين بَله)!! ملف العمالة هو آخر ما انضم إلى لائحةٍ من الاتهاماتِ إلى تنظيم قطر نهائيات 2022، ومن أبرزها توقيت المباريات، زيادة على اتهامات بتلاعب شاب عملية التصويت!! لقد اعتمدت معظم وسائل الإعلام العربية والأجنبية المقروءة منها والمرئية في تناولها لقضية العمال النيباليين في دولة قطر على التقرير المفبرك الذي نشرته صحيفة الجارديان البريطانية. وجاء أن قطر تتبع سياسة «العبيد» مع العمال الذين يلاقون حتفهم بشكل يومي، سواء بسبب الأزمات القلبية التي تلاحقهم نتيجة العمل لساعات طويلة، أوحوادث يتعرضون لها في مواقع البناء. وأضافت الصحيفة أن قطر تستغل وتنتهك العمال، وكأنهم «عبيد» ودون رحمة، مؤكدة أن هناك 44 عاملا لقوا حتفهم في الفترة من 4 يونيو وحتى 8 أغسطس الماضيين. وكشفت الصحيفة عن أن هناك بعض العمال نددوا بعدم حصولهم على أجورهم منذ شهور عدة، بالإضافة إلى التقصير في تقديم مياه الشرب لهم رغم عملهم في أجواء حارة للغاية، كما أن هناك بعض العمال الذين يرغبون في الرحيل عن قطر، لكن الشركة الراعية لهم قامت بحجز جوازات سفرهم ومنعتهم من المغادرة، بالإضافة إلى مسكن العمال السيئ الذي قد يصل إلى 12 عاملا في غرفة واحدة، مما أدى إلى لجوء بعضهم لسفارة بلدهم من أجل التدخل، وإعادتهم مجددا إلى وطنهم. واعتمدت وسائل الإعلام العربية والأجنبية في تناولها هذه القضية أيضا على دعوة منظمة العفو الدولية قطر إلى وضع حد لممارسات الاستغلال، التي تطال العمال الوافدين عبر تعزيز حمايتهم وتطوير قوانين العمل! وما أثار حفيظتي هو أن الإعلام العربي خاصة تعمّد تضخيم الموضوع، ونشْر مانشيتات على جميع الصحف، وكما أسلفت منها المقروء أو المسموع.. وإليكم بعض من هذه المانشيتات! منع بعثة نقابية دولية من زيارة ورشة إنشاءات في قطر. قطر تستخدم سياسة «العبيد» مع عمال مشاريع «مونديال 2022. ثورة العمال تزعج تنظيم قطر للمونديال. جدل بعد معلومات عن عمال «عبيد» بكأس العالم بقطر. 4 آلاف عامل أجنبي مهددون بالموت في قطر. العفو الدولية تنتقد قطر.. وتدعوها لوقف «التشغيل القسري». انتهاكات واستغلال للعمال: عبيد كأس العالم في قطر. عمال أجانب يُسْتغلون بقطر في مشاريع «مونديال 2022». فضائح قطر لمونديال 2022 تتوالى. فضيحة عبيد المونديال في قطر تهزّ أرجاء المعمورة كرويا. الاتهامات تلاحق قطر والفيفا بسبب المونديال.. وحرارة الجو تكشف فشل اختيار الدولة المضيفة. قطر والمونديال. وعبودية العمال. القانون القطري يكفل للعامل، ويحدد له الحد الأقصى لساعات العمل العادية ب 48 ساعة أسبوعيا، ما عدا شهر رمضان، فيكون 36 ساعة، بواقع 6 ساعات يوميا، ويجب أن تتخللها على الأقل ساعة راحة ولا يجوز تشغيل العامل أكثر من 5 ساعات متواصلة. ويمنح العامل راحة أسبوعية مدفوعة الأجر لا تقل عن 24 ساعة. فضلا عن منح العامل أيضا إجازة سنوية لا تقل عن 3 أسابيع للعامل الذي خدم أقل من 5 سنوات، أو 4 أسابيع للذي خدم أكثر من 5 سنوات، ولا يجوز للعامل التنازل عن هذه الإجازة. ويسري قانون العمل على كل من أصحاب العمل والعمال، ويحدد حقوق وواجبات كل طرف، كما ينظم العلاقة فيما بينهم. وسوف يتم تعديل بعض القوانين المنظمة للعمل وفقا لمتطلبات تنظيم مونديال كأس العالم، حيث تقوم الوزارة برصد الشكاوى والتقارير كافة حول أحوال العمالة، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد أي تجاوزات. ويتضمن قانون العمل جزاءات رادعة يتم تطبيقها ضد أي شركة تنتهك حقوق العمال، أو فيما يتعلق بصحة وسلامة العمال. وقد ثبت بالأرقام والمستندات أن عدد الوفيات بين العمال النيباليين لا تتجاوز 15 حالة وفاة من بين أكثر من 400 ألف عامل نيبالي يعملون في العديد من المشروعات بالدولة، ويقومون بتحويل مبالغ لبلادهم تتجاوز سنويا المليار دولار. وأكد مسؤولو الجالية النيبالية- خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان- أن تقرير الجارديان كاذب، وأظهروا الإحصائيات التي جاءت متطابقة مع الإحصائيات المسجلة لدى وزارة العمل، وتشير إلى أن الوفيات التي حدثت كانت نتيجة لإصابات عمل، فضلا عن الآليات في رصد التجاوزات الفردية ضد العمال، حيث تقوم إدارة علاقات العمل في الوزارة بالتحقيق في هذا الموضوع، وفي حال ثبوت أن الشركة مخالفة للعقد أو لم تقم بدفع الرواتب على سبيل المثال، ففي هذه الحالة تجبر الوزارة تلك الشركةَ على منح العمال حقوقهم كافة وفقا لما جاء بالعقد، وتسعى الوزارة إلى التوفيق بين الطرفين، وفي كثير من الأحيان تقوم بحل الإشكالية داخل إدارة علاقات العمل، وفي حال تطور الأمر يتم تحويلها للقضاء للفصل فيها. وتوجد العديد من المشاريع التي تعمل عليها دولة قطر الآن ليست فقط خاصة بكأس العالم، إنما هناك مشاريع تنموية كبرى تحتاج إلى أعداد كبيرة من العمال، وعلى سبيل المثال مشروع (السكك الحديدية) الذي بدأ العمل فيه، ويحتاج إلى مئات العمال ومشروع المطار الجديد، فضخامة هذه المشاريع تضع قطر أمام تحدٍّ كبير، لهذا لم تغفل الوزارة دور الشركات المنفذة، والتأكيد لها بضرورة احترام حقوق العامل، وتوفير السكن الملائم والبيئة السليمة باعتبار أن سمعة دولة قطر في المرتبة الأولى، وخط أحمر لا يُسمح بالمساس به. القانون القطري أيضا شدد على «مسؤولية حماية العمال من التجاوزات تقع على الحكومة»، وتطبق القوانين السارية حاليا، والتي تنص على تحديد ساعات العمل، وتأمين إقامة لائقة، واتخاذ تدابير لحماية الصحة والسلامة، وضمان دفع الرواتب كل شهر. وفي المقابل، تدرس الحكومة حاليا بأن تعيد النظر في بعض فقرات قانون العمل، لا سيما في نظام الكفالة الذي يسمح لأرباب العمل بمنع العمال من تغيير عملهم أو مغادرة البلاد، وذلك عبر رفض منحهم تصريح خروج. لا شك أن الحملة أو الأزمة تهدف إلى التأثير على تنظيم قطر لمونديال 2022، والتي وصلت إلى حد الاتهام بالاستعباد. وركزت وسائل الإعلام في تناولها لتلك القضية على أنها باتت تهدد تنظيم قطر لمونديال 2022، لا سيما أن أغلب المشاريع التي أطلقتها الدولة تخدم المونديال. وكانت أزمة النيباليين قد تفجّرت في مشروع «لوسيل» الذي سيقام عليه ملعب يستضيف نهائي المونديال، ودعت بعض وسائل الإعلام العربي والأجنبي الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» إلى سحب تنظيم المونديال من قطر؛ لأن آلاف العمال- وفق تقرير الجارديان- سوف يلقون حتفهم خلال العشر سنوات المقبلة في قطر!! الخلاصة.. قطر فازت بشرف تنظيم مونديال 2022، وهو بحد ذاته إنجاز للشرق الأوسط،.. وبإذن الله ثم بفضل القيادة الرشيدة سنكون مسخّرين لهذا الحدث العالمي، فيجب على جميع دول المنطقة والشرق الأوسط احترام ذلك، وليس السعي إلى هدم هذا الإنجاز أو النيل منه!